للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نوّه بالأول في سورة الصفات بقوله تعالى: وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ. أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ، اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ... [الصافات: ١٢٣- ١٢٦] .

السادس: قيل: إن المسجد الأقصى في زمن الإسراء كان خرابا. بشهادة التاريخ. وذلك لأن سليمان عليه السلام بناه على مكان الصخرة. ثم خرب وألقيت على الصخرة زبالة البلد عنادا لليهود. وبقي كذلك حتى فتح أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه القدس. نظر (تاريخ أبي الفداء) وغيره. فكيف أطلق عليه اسم المسجد؟ وأجيب: بأن المسجد في حال هدمه يسمى مسجدا. باعتبار ما كان عليه وما وضع له. كما أطلق المسجد على حرم مكة. وهو لم يكن يومئذ مسجدا. وإنما كان بيتا للأصنام.

لكن إبراهيم وإسماعيل، لما بنيا الكعبة للعبادة الصحيحة، كما بنى سليمان هيكله هذا لها، سمي مسجدا بهذا الاعتبار. أو يقال: إنه أطلق عليهما اسم المسجد للإشارة إلى ما يؤول إليه أمرهما. وهو كونهما مسجدين للمسلمين.

السابع: في التفاضل بين ليلة القدر وليلة الإسراء. سئل الإمام تقي الدين أحمد ابن تيمية رضي الله عنه، عن رجل قال: ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، وقال آخر:

بل ليلة القدر أفضل. فأيهما المصيب؟

فأجاب: أما القائل بأن ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، إن أراد به أن تكون الليلة التي أسري فيها بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ونظائرها من كل عام أفضل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من ليلة القدر، بحيث يكون قيامها والدعاء فيها أفضل منه في ليلة القدر. فهذا باطل لم يقله أحد من المسلمين، وهو معلوم الفساد بالاضطرار من دين الإسلام. هذا إذا كانت ليلة الإسراء يعرف عينها. فكيف ولم يقم دليل معلوم لا على شهرها ولا عشرها ولا على عينها؟ بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يقطع به، ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة، التي يظن أنها ليلة الإسراء، بقيام ولا غيره. بخلاف ليلة القدر فإنه

قد ثبت في الصحيحين «١» عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قام ليلة القدر إيمانا


(١) أخرجه البخاريّ في: فضل ليلة القدر، ١- باب فضل ليلة القدر وقوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ... إلخ، حديث رقم ٣٣، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم في: صلاة المسافرين وقصرها، الحديث رقم ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>