للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطرق حديث الإفك متعددة عن أم المؤمنين عائشة وعن ابن الزبير وأم رومان وابن عباس وأبي هريرة وأبي اليسر. ورواه من التابعين عشرة كما في (فتح الباري) وذلك في المسانيد والصحاح والسنن وغيرها. ما بين مطول وموجز. ومن الثاني ما

أخرجه الإمام «١» أحمد عن أم رومان قالت: بينا أنا عند عائشة، إذ دخلت عليها امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بابنها وفعل. فقالت عائشة: ولم؟ قالت: إنه كان فيمن حدث الحديث قالت: وأيّ حديث؟ قالت: كذا كذا. قالت: وقد بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، قالت وبلغ أبا بكر؟ قالت: نعم. فخرت عائشة رضي الله عنها مغشيا عليها. فما أفاقت وإلا وعليها حمى بنافض. قالت: فقمت فدثرتها. قالت:

فجاء النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: فما شأن هذه؟ فقلت: يا رسول الله أخذتها حمى بنافض. قال:

فلعله في حديث تحدث به؟ قالت: فاستوت عائشة قاعدة، فقالت: والله لئن حلفت لكم لا تصدقوني، ولئن اعتذرت إليكم لا تعذروني. فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه حين قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ [يوسف: ١٨] .

قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عذرها. فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر. فدخل فقال: يا عائشة! إن الله تعالى قد أنزل عذرك. فقالت: بحمد الله لا بحمدك. فقال لها أبو بكر: تقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم.

قالت: وكان فيمن حدث هذا الحديث رجل يعوله أبو بكر. فحلف ألّا يصله.

فأنزل الله تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ [النور: ٢٢] ، إلى آخر الآية. فقال أبو بكر: بلى، فوصله. تفرد به البخاري «٢» .

المطلب الثاني: قال في (الإكليل) في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ [النور: ١١] ، نزلت في براءة عائشة مما قذفت به. فاستدل بها الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن قال العلماء: قذف عائشة كفر. لأن الله سبح نفسه عند ذكره. فقال: سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ [النور: ١٦] ، كما سبح نفسه عند ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد. وفي قوله تعالى: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً [النور: ١٢] ، تحريم ظن السوء، وأنه لا يحكم بالظن. وإن من عرف بالصلاح لا يعدل به عنه لخبر مخبر. وأن القاذف مكذب


(١) أخرجه في المسند بالصفحة رقم ٦/ ٣٦٧.
(٢) أخرجه البخاري في: التفسير، ٢٤- سورة النور: حديث ١٢٦٦، عن عائشة.
وأخرجه مسلم في: التوبة، حديث رقم ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>