الرجل ماء المرأة، نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة نزعت» قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله. يا رسول الله! إن اليهود قوم بهت وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني. فجاءت اليهود، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «أيّ رجل عبد الله فيكم» ؟
قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، قال «أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام» ؟ فقالوا: أعاذه الله من ذلك! فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فقالوا: شرّنا وابن شرنا. وانتقصوه.
قال: فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.
وروى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس في سبب نزول هذه الآية قال «١» : حضرت عصابة من اليهود رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبيّ. وساق نحوا مما تقدم. وتتمته قالوا: أنت الآن، فحدثنا من وليّك من الملائكة، فعندها نجامعك أو نفارقك، قال: فإن ولي جبريل، ولم يبعث الله نبيّا قط، إلا وهو وليه. قالوا: فعندها نفارقك. ولو كان وليّك سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك. قال: فما منعكم أن تصدقوه؟ قالوا: إنه عدوّنا، فأنزل الله عز وجل قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ إلى قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ فعندها باؤوا بغضب على غضب.
وفي رواية للإمام أحمد والترمذيّ والنسائيّ في القصة: فأخبرنا من صاحبك؟ قال جبريل عليه السلام. قالوا: جبريل! ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب، عدونا. لو قلت «ميكائيل» الذي ينزل بالرحمة والقطر والنبات لكان! فأنزل الله تعالى قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ إلى آخر الآية.
ويؤخذ من روايات أخر أن سبب قيلهم ذلك من أجل مناظرة جرت بينهم وبين عمر بن الخطاب في أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم.
فقد روى ابن جرير عن الشعبيّ قال: نزل عمر الرّوحاء، فرأى رجالا يبتدرون أحجارا يصلّون إليها. فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يزعمون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلى هاهنا.
قال فكره ذلك، وقال: أيما؟ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أدركته الصلاة بواد فصلى، ثم ارتحل فتركه. ثم أنشأ يحدثهم، فقال: كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم، فأعجب من التوراة كيف تصدّق الفرقان، ومن الفرقان كيف يصدّق التوراة! فبينما أنا عندهم ذات يوم، قالوا: يا ابن الخطاب! ما من أصحابك أحد أحبّ إلينا منك. قلت: ولم ذلك؟ قالوا: إنك تغشانا وتأتينا. قال قلت: إني آتيكم فأعجب من الفرقان كيف يصدق التوراة، ومن التوراة كيف تصدق الفرقان قال، ومرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند جزء أول، حديث رقم ٢٥١٤.