للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الخطاب! ذاك صاحبكم فالحق به. قال: فقلت لهم عند ذلك: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، وما استرعاكم من حقه، وما استودعكم من كتابه، أتعلمون أنه رسول الله؟ قال: فسكتوا. قال: فقال لهم عالمهم وكبيرهم: إنه قد عظّم عليكم فأجيبوه. قالوا: أنت عالمنا وسيدنا، فأجبه أنت. قال: أمّا إذ نشدتنا به. فإنا نعلم أنه رسول الله. قال: قلت ويحكم، إذا هلكتم. قالوا: إنا لم نهلك. قال: قلت: كيف ذلك وأنتم تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه ولا تصدقونه؟ قالوا: إن لنا عدوّا من الملائكة وسلما من الملائكة. وإنه قرن به عدونا من الملائكة. قال: قلت: ومن عدوكم، ومن سلمكم. قالوا: عدونا جبريل، وسلمنا ميكائيل. قال: قلت: وفيم عاديتم جبريل؟ وفيم سالمتم ميكائيل؟ قالوا: إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار، والتشديد والعذاب، ونحو هذا. وإن ميكائيل ملك الرأفة والرحمة والتخفيف، ونحو هذا. قال: قلت: وما منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمنيه والآخر عن يساره، قال: قلت: فو الله الذي لا إله إلا هو إنهما والذي بينهما لعدوّ لمن عاداهما وسلم لمن سالمهما، ما ينبغي لجبريل أن يسالم عدوّ ميكائيل، وما ينبغي لميكائيل أن يسالم عدوّ جبريل. قال: ثم قمت فاتبعت النبي صلّى الله عليه وسلّم فلحقته وهو خارج من مخرفة لبني فلان. فقال لي: يا ابن الخطاب، ألا أقرئك آيات نزلن؟

فقرأ عليّ قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ حتى قرأ الآيات.

قال: قلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد جئت وأنا أريد أن أخبرك بالخبر، فأسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر.

ورواه مختصرا ابن أبي حاتم أيضا، وفيه انقطاع، فإن الشعبيّ لم يدرك زمان عمر رضي الله عنه. كذا قاله الحافظ ابن كثير، وساقه أيضا الواحديّ، وزاد في آخره:

قال عمر: فلقد رأيتني في دين الله أشد من حجر.

قال العلامة البقاعيّ: وقد روى هذا الحديث أيضا إسحاق بن راهويه في مسنده عن الشعبيّ، عن عمر رضي الله عنه. قال شيخنا البوصيريّ: وهو مرسل صحيح الإسناد، انتهى.

وثمّ روايات متنوعات ساقها ابن كثير في تفسيره، لا نطوّل كتابنا بسردها، ومرجعها واحد. فإن قيل: بين رواية البخاريّ الأولى وما بعدها تناف. فالجواب: لا منافاة، لأن قراءته صلّى الله عليه وسلّم لها في محاورة عبد الله بن سلام، ردّا لقول اليهود، لا يستلزم نزولها حينئذ. فإن المعتمد في سبب نزولها غير قصة عبد الله بن سلام مما سلف

<<  <  ج: ص:  >  >>