قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : والظاهر أن مجيء أبي سفيان كان قبل الهجرة. لقول ابن مسعود (ثم عادوا) ولم ينقل أن أبا سفيان قدم المدينة قبل بدر.
وعلي هذا فيحتمل أن يكون أبو طالب كان حاضرا ذلك. فلذلك قال:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه لكن روي ما يدل على أن القصة المذكورة وقعت بالمدينة، فإن لم يحمل على التعدد، وإلا فهو مشكل جدّا. والله المستعان. انتهى.
وذكر ابن قتيبة في تفسير الدخان على هذا معنيين: أحدهما- أن في سنة القحط يعظم يبس الأرض بسبب انقطاع المطر، ويرتفع الغبار الكثير، ويظلم الهواء.
وذلك يشبه الدخان ولهذا يقال لسنة المجاعة (الغبراء) ثانيهما- أن العرب يسمون الشر الغالب بالدخان. فيقولون (كان بيننا أمر ارتفع له دخان) . والسبب فيه أن الإنسان إذا اشتد خوفه أو ضعفه، أظلمت عيناه، فيرى الدنيا كالمملوءة من الدخان.
انتهى.
وقال الشهاب: الظاهر أن هذه التسمية استعارة. لأن الدخان مما يتأذى به.
فأطلق على كل مؤذ يشبهه، أو على ما يلزمه، ولذا قيل:
تريد مهذّبا لا عيب فيه ... وهل عود يفوح بلا دخان
الوجه الثاني في الآية- أنه دخان يظهر في العالم. وهو إحدى علامات القيامة، ولم يأت بعد، وهو آت وهو قول حذيفة. ويروى عن عليّ وابن عباس وجمع من التابعين. قال الرازي: واحتج القائلون بهذا القول بوجوه: الأول- أن قوله: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ يقتضي وجود دخان تأتي به السماء. وما ذكرتموه من الظلمة الحاصلة في العين بسبب شدة الجوع، فذاك ليس بدخان أتت به السماء. فكان حمل لفظ الآية على هذا الوجه، عدولا عن الظاهر، لا لدليل منفصل، وإنه لا يجوز.
الثاني- أنه وصف ذلك الدخان بكونه مبينا. والحالة التي ذكرتموها ليست كذلك لأنها عارضة تعرض لبعض الناس في أدمغتهم. ومثل هذا لا يوصف بكونه دخانا مبينا. والثالث- أنه وصف ذلك الدخان بأنه يغشى الناس. وهذا إنما يصدق إذا وصل ذلك الدخان إليهم واتصل بهم، والحالة التي ذكرتموها لا تغشى الناس إلا على سبيل المجاز. وقد ذكرنا أن العدول من الحقيقة إلى المجاز لا يجوز إلا لدليل منفصل. الرابع- ما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من عدّه الدخان من الآيات المنتظرة.