للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي التي لا إصر فيها ولا حرج. كما قال تعالى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، [الحج: ٧٨] .

وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. علل لفعل محذوف مدلول عليه بما سبق تقديره. ولهذه الأمور شرع ذلك. يعني جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر، وأمر المرخّص له بمراعاة عدّة ما أفطر فيه، ومن الترخيص في إباحة الفطر. فقوله لِتُكْمِلُوا علّة الأمر بمراعاة العدّة. وَلِتُكَبِّرُوا.

علّة ما علّم من كيفية القضاء، والخروج عن عهدة الفطر وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ علّة الترخيص والتيسير. وهذا نوع من اللف لطيف المسلك، لا يكاد يهتدي إلى تبيّنه إلّا النقّاب المحدث من علماء البيان! وإما عدّي فعل التكبير بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد. كأنه قيل: ولتكبّروا الله حامدين على ما هداكم. ومعنى وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وإرادة أن تشكروا. ويجوز عطفها على اليسر أي: يريد بكم لتكملوا ... إلخ، كقوله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا ... إلخ. [الصف: ٨] والمراد بالتكبير تعظيمه تعالى والثناء عليه- كذا أفاده الزمخشري.

قال الحراليّ: وفي لفظ: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ، إشعار لما أظهرته السنّة من صلاة العيد، وأعلن فيها بالتكبير. وكرر مع الجهر فيها لمقصد موافقة معنى التكبير الذي إنّما يكون علنا. وجعلت في براح من متسع الأرض لمقصد التكبير. لأن تكبير الله إنما هو بما جلّ من مخلوقاته. انتهى ملخصا.

وقال ابن كثير: وقوله تعالى: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ. أي ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم، كما قال فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [البقرة: ٢٠٠] وقال فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة: ١٠] وقال وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ [ق:

٣٩- ٤٠] ولهذا جاءت السنّة باستحباب التسبيح والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات.

وقال ابن عباس «١» : ما كنّا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلّا بالتكبير.


(١) أخرجه البخاريّ في: الأذان، ١٥٥- باب الذكر بعد الصلاة حديث ٤٩٨ ونصه: قال ابن عباس:
كنت أعرف انقضاء صلاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالتكبير. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>