الإسلاميّ قد انتشر بالسيف! فإن هذا القول لا يضرّ جوهر الدين شيئا فإن المنصفين من الأوروبيين يعلمون أنه قام بالدعوة والإقناع، وأن السيف لم يجرد إلّا لحماية الدعوة. وإنما التملص منه يضر المسلمين لأنه يقعدهم عن نصرة الدين بالسيف، ويقودهم إلى التخاذل والتواكل، ويحملهم على الاعتقاد بترك الوسائل فيستخذون إلى الضعف كما هي حالتهم اليوم، وتبتلعهم الأمم القوية التي جعلت شعار تمدّنها السيف أو القوة..!.
قال: يجب على المسلمين أن يدرسوا آيات الجهاد صباح مساء، ويطيلوا النظر في قوله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال: ٦٠] ، لعلّهم يتحفّزون إلى مجاراة الأمم القوية المجاهدة في الأمم الضعيفة..!.
وقوله تعالى: وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ من الكراهة، فوضع المصدر موضع الوصف مبالغة. كقول الخنساء:
فإنما هي إقبال وإدبار كأنه في نفسه كراهة لفرط كراهتهم له، أو هو فعل بمعنى مفعول- كالخبز بمعنى المخبوز- أي: وهو مكروه لكم، وهذا الكره إنما حصل من حيث نفور الطبع عن القتال- لما فيه من مؤنة المال، ومشقة النفس، وخطر الروح والخوف- فلا ينافي الإيمان. لأنّ كراهة الطبع جبلية لا تنافي الرضاء بما كلف به. كالمريض الشارب للدواء البشع.
وفي القاموس وشرحه:(الكره) بالفتح ويضمّ: لغتان جيدتان بمعنى الإباء والمشقة.
قال ثعلب: قرأ نافع وأهل المدينة في سورة البقرة وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ بالضم في هذا الحرف خاصة، وسائر القرآن بالفتح. وكان عاصم يضم هذا الحرف والذي في الأحقاف: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً [الأحقاف: ١٥] ، ويقرأ سائرهن بالفتح. وكان الأعمش وحمزة والكسائي يضمون هذه الحروف الثلاثة والذي في النساء: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً [النساء: ١٩] ، ثم قرءوا كل شيء سواها بالفتح. قال الأزهريّ: ونختار ما عليه أهل الحجاز: أنّ جميع ما في القرآن بالفتح إلا الذي في البقرة خاصة، فإنّ القراء أجمعوا عليه!. قال ثعلب: ولا أعلم بين الأحرف التي ضمّها هؤلاء وبين التي فتحوها فرقا في العربية، ولا في سنة تتبع، ولا أرى الناس اتفقوا على الحرف الذي في سورة البقرة خاصة، إلا أنه اسم وبقية القرآن