للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس! إن الله كتب عليكم الحج. فقام الأقرع ابن حابس فقال: يا رسول الله أفي كل عام؟ فقال: لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها ولن تستطيعوا أن تعملوا بها. الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع» .

الرابع: استطاعة السبيل عبارة عن إمكان الوصول إليه. قال ابن المنذر: اختلف العلماء في قوله تعالى مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فقالت طائفة: الآية على العموم، إذ لا نعلم خبرا ثابتا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، ولا إجماعا لأهل العلم يوجب أن نستثني من ظاهر الآية بعضا، فعلى كل مستطيع للحج يجد إليه السبيل بأي وجه كانت الاستطاعة، الحجّ. على ظاهر الآية. قال: وروينا عن عكرمة أنه قال: الاستطاعة الصحة. وقال الضحاك: إذا كان شابا صحيحا ليس له مال فليؤجر نفسه بأكله وعقبه حتى يقضي نسكه. فقال له قائل: أكلف الله الناس أن يمشوا إلى البيت؟ فقال: لو كان لبعضهم ميراث بمكة أكان يتركه؟ قال: لا، بل ينطلق إليه ولو حبوا، قال: فكذلك يجب عليه حج البيت. وقال مالك: الاستطاعة على إطاقة الناس، الرجل يجد الزاد والراحلة ولا يقدر على المشي، وآخر يقدر على المشي على رجليه. وقالت طائفة:

الاستطاعة الزاد والراحلة، كذلك قال الحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وأحمد بن حنبل، واحتجوا

بحديث ابن عمر أن رجلا قال: يا رسول الله ما يوجب الحج؟ قال:

الزاد والراحلة- رواه الترمذيّ

- وفي إسناده الخوزي فيه مقال. قال ابن كثير: لكن قد تابعه غيره. وقد اعتنى الحافظ أبو بكر بن مردويه بجمع طرق هذا الحديث.

ورواه الحاكم من حديث قتادة عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سئل عن قول الله عز وجل:

مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. فقيل: ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة

، ثم قال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

الخامس: قال الإمام ابن القيّم الدمشقيّ رضي الله عنه في (زاد المعاد) في سياق هديه صلّى الله عليه وسلم في حجته: لا خلاف أنه لم يحج بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة، وهي حجة الوداع، ولا خلاف أنها كانت سنة عشر، واختلف هل حج قبل الهجرة؟

وروى الترمذيّ «١» عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: حج النبيّ صلّى الله عليه وسلم ثلاث حجج: حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعد ما هاجر، معها عمرة. قال الترمذيّ:


(١) أخرجه الترمذيّ في: الحج، ٦- باب ما جاء: كم حجّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>