للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوه

قوله صلى الله عليه وسلم: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم «١»

وغيره من الأحاديث الكثيرة.

والذي يقطع به أن الاتفاق خير من الخلاف- انتهى-

وقد روى الإمام أحمد وأبو داود «٢» بسندهما عن أبي عامر عبد الله بن يحيى قال: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان، فلما قدمنا مكة قام حين صلّى صلاة الظهر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة- يعني الأهواء- كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة. وأنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه. لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله والله! يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء نبيكم صلى الله عليه وسلم لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به.

قال ابن كثير: وقد روي هذا الحديث من طرق- انتهى.

نبذة في مبدأ الاختلاف في هذه الأمة من أهل الأهواء:

ذكر الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب (الفرقان بين الحق والباطل) أن المسلمين كانوا في خلافة أبي بكر وعمر، وصدرا من خلافة عثمان في السنة الأولى من ولايته متفقين لا تنازع بينهم، ثم حدث في أواخر خلافة عثمان أمور أوجبت نوعا من التفرق، وقام قوم من أهل الفتنة والظلم، فقتلوا عثمان فتفرق المسلمون بعد مقتل عثمان. ولما اقتتل المسلمون بصفّين واتفقوا على تحكيم حكمين خرجت الخوارج على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وفارقوه وفارقوا جماعة المسلمين. وحدث في أيامه الشيعة أيضا، لكن كانوا مختفين بقولهم لا يظهرونه لعليّ وشيعته، بل كانوا ثلاث طوائف:

طائفة: تقول إنه إله، وهؤلاء، لما ظهر عليهم، أحرقهم بالنار.

والثانية: السابة وكان قد بلغه عن أبي السودا أنه كان يسب أبا بكر وعمر، فطلبه قيل إنه طلبه ليقتله فهرب منه.

والثالثة: المفضّلة الذين يفضلونه على الشيخين، وقد تواتر عنه أنه قال: خير


(١)
أخرجه مسلم في: الصلاة، حديث ١٢٢. عن أبي مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول «استووا ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم. ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» .
قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافا.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، ٤/ ١٠٢.
وأبو داود في: السنة، ١- باب في شرح السنة، حديث ٤٥٩٧. ونصه هنا عن المسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>