ألا نادت أمامة باحتمال ... لتحزنني، فلا بك ما أبالي
وقوله:
رأى برقا فأوضع فوق بكر ... فلا بك ما أسال ولا أغاما
وقوله:
فحالف فلا والله تهبط تلعة ... من الأرض إلّا أنت للذلّ عارف
وهو أكثر من أن يحصى. فتأمل هذا الفصل فإنه حقيق بالتأمل. انتهى.
الخامس- اعلم أن كل حديث صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن رواه جامعو الصحاح، أو صححه من يرجع إليه في التصحيح من أئمة الحديث، فهو مما تشمله هذه الآية. أعني قوله تعالى مِمَّا قَضَيْتَ فحينئذ يتعين على كل مؤمن بالله ورسوله الأخذ به وقبوله ظاهرا وباطنا. وإلا بأن التمس مخارج لرده أو تأويله، بخلاف ظاهره، لتمذهب تقلّده وعصبية ربي عليها، كما هو شأن المقلدة أعداء الحديث وأهله- فيدخل في هذا الوعيد الشديد المذكور في هذه الآية. الذي تقشعر له الجلود وترجف منه الأفئدة.
قال الإمام الشافعيّ في الرسالة التي أرسلها إلى عبد الرحمن بن مهديّ: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال: أرسله عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شيخ من زهرة كان يسكن دارنا. فذهبت معه إلى عمر. فسأل عن وليدة من ولائد الجاهلية. فقال: أما الفراش فلفلان. وأما النطفة فلفلان. فقال:
صدقت. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالفراش.
قال الشافعيّ: وأخبرني من لا أتهم عن ابن أبي ذئب قال: أخبرني مخلد بن خفاف قال: ابتعت غلاما فاستغللته. ثم ظهرت منه على عيب فخاصمت فيه إلى عمر بن عبد العزيز. فقضى لي برده. وقضى عليّ برد غلته. فأتيت عروة فأخبرته فقال: أرواح إليه العشية فأخبره أن عائشة أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا، أن الخراج بالضمان. فعجلت إلى عمر فأخبرته بما أخبرني به عروة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمر بن عبد العزيز: فما أيسر عليّ من قضاء قضيته، والله يعلم أني لم أرد فيه إلا الحق- فبلغتني فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرد قضاء عمر وأنفذ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فراح إليه عروة فقضى لي أن آخذ الخراج الذي قضى به عليّ له.