للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن حكم الحاكم المجتهد، إذا خالف نص كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجب نقضه ومنع نفوذه. ولا يعارض نص الكتاب والسنة بالاحتمالات العقلية والخيالات النفسانية والعصبية الشيطانية، بأن يقال: لعلّ هذا المجتهد قد اطلع على هذا النص وتركه لعلة ظهرت له. أو أنه اطلع على دليل آخر. ونحو هذا، مما لهج به فرق الفقهاء المتعصبين، وأطبق عليه جهلة المقلدين فافهم. انتهى.

وقال وليّ الدين التبريزيّ في (مشكاة المصابيح) في (الفصل الثالث عشر) من (باب الجماعة وفضلها) :

وعن بلال بن عبد الله بن عمر عن أبيه «١» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنّكم» . فقال بلال: والله! لنمنعهن. فقال عبد الله: أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتقول أنت:

لنمنعهن؟ (وفي رواية سالم عن أبيه) قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سبّا ما سمعت سبه مثله قط. وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول: والله! لنمنعهن. رواه مسلم.

وعن مجاهد عن عبد الله بن عمر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم «٢» قال: لا يمنعن رجل أهله أن يأتوا المساجد. فقال ابن لعبد الله بن عمر: فإنّا نمنعهن. فقال عبد الله: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا؟ قال فما كلمه عبد الله حتى مات. رواه الإمام أحمد.

وقال الطيبيّ شارح (المشكاة) : عجبت ممن سمّي بالسنيّ، إذا سمع من سنة رسول الله وله رأي، رجح رأيه عليها. وأيّ فرق بينه وبين المبتدع؟ أما سمع (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) ؟ وها هو ابن عمر، وهو من أكابر الصحابة وفقهائها، كيف غضب لله ورسوله وهجر فلذة كبده لتلك الهنة، عبرة لأولي الألباب.

وروى الإمام مسلم في «٣» (صحيحه) في (كراهة الخذف) قبيل (كتاب الأضاحي) ، عن سعيد بن جبير أن قريبا لعبد الله بن مغفل خذف. قال فنهاه وقال:


(١) أخرجه في المسند ٢/ ٩٠. وحديث رقم ٥٦٤٠.
ومسلم في: الصلاة، حديث ١٤٠.
(٢) أخرجه في المسند ٢/ ٣٦. وحديث رقم ٤٩٣٣.
(٣) أخرجه مسلم في: الصيد والذبائح، حديث ٥٤ ونصه: عن أبي بريدة قال: رأى عبد الله بن المغفّل رجلا من أصحابه يخذف. فقال له: لا تخذف. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره- أو قال ينهى عن الخذف- فإنه لا يصطاد به الصيد، ولا ينكأ به العدوّ. ولكنه يكسر السنّ ويفقأ العين.
ثم رآه بعد ذلك يخذف. فقال له: أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره- أو ينهى عن الخذف- ثم أراك تخذف! لا أكلمك كلمة كذا وكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>