للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مسعود فيها برأيه أن لها مهر المثل. ثم رووا حديث بروع بنت واشق بما يوافق ذلك. وقد خالفه عليّ وزيد وغيرهما. فقالوا: لا مهر لها. فثبت أن بعض المجتهدين قد يفتي بعموم أو قياس، ويكون في الحادثة نص خاص لم يعلمه فيوافقه. ولا يعلم مسألة واحدة اتفقوا على أنه لا نص فيها. بل عامة ما تنازعوا فيه كان بعضهم يحتج فيه بالنصوص وأولئك يحتجون بنص. كالمتوفى عنها الحامل. هؤلاء احتجوا بشمول الآيتين لها. والآخرون قالوا: إنما تدخل في آية الحمل فقط، وإن آية الشهور في غير الحامل. كما أن آية القروء في غير الحامل. وكذلك لما تنازعوا في الحرام احتج من جعله يمينا بقوله: لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ [التحريم: ١- ٢] .

وكذلك تنازعوا في المبتوتة هل لها نفقة أو سكنى. احتج هؤلاء بحديث فاطمة «١» وبأن السكنى التي في القرآن للرجعية. وأولئك قالوا: بل هي لهما.

ودلالات النصوص قد تكون خفية. فخص الله بفهمها بعض الناس. كما

قال عليّ «٢» : إلّا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه

. وقد يكون النص بيّنا ويذهل المجتهد عنه، كتيمم الجنب. فإنه بيّن في القرآن في آيتين. ولما «٣» احتج أبو موسى على ابن


(١)
أخرجها مسلم في: الطلاق، حديث ٣٦ وهذا نصها: عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة. وهو غائب. فأرسل إليها وكيله بشعير. فسخطته. فقال: والله! ما لك علينا من شيء.
فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له. فقال «ليس لك عليه نفقة» فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي. اعتدّي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى. تضعين ثيابك. فإذا حللت فآذنينى. قالت: فلما حللت ذكرت له، أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. وأما معاوية فصعلوك لا مال له.
انكحي أسامة بن زيد» . فكرهته. ثم قال «انكحي أسامة» فنكحته فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت.
(٢)
أخرجه البخاريّ في: العلم، ٣٩- باب كتابة العلم، حديث ٩٥ ونصه: عن أبي جحيفة قال: قلت لعليّ: هل عندكم كتاب؟ قال: لا. إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قال قلت: فما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر
. (٣)
أخرجه البخاريّ في: التيمم، ٧- باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش، تيمم، حديث ٢٣٣ ونصه: عن شقيق بن سلمة قال: كنت عند عبد الله وأبي موسى.
فقال له أبو موسى: أرأيت، يا أبا عبد الرحمن! إذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع؟ فقال عبد الله: لا يصلي حتى يجد الماء. قال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار، حين قال له النبيّ صلى الله عليه وسلم «كان يكفيك» ؟ قال: ألم تر عمر يقنع بذلك؟ فقال أبو موسى: فدعنا من قول عمار. كيف تصنع بهذه الآية؟
فما دري عبد الله ما يقول.
فقال: إنا لو رخصنا لهم في هذا، لأوشك، إذا برد على أحدهم الماء، أو يدعه ويتيمم ...
(قال الأعمش) : فقلت: لشقيق: فإنما كره عبد الله لهذا؟ قال: نعم.
[.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>