للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير: ويحتمل أن يكون حالا من المفعول وهو (الجوارح) أي: وما علمتم من الجوارح في حال كونهن مكلبات للصيد. وذلك أن تصيد بمخالبها وأظفارها.

فيستدل بذلك، والحالة هذه، على أن الجارح إذا قتل الصيد بصدمته وبمخالبه وظفره، أنه لا يحل. كما هو أحد قول الشافعيّ وطائفة من العلماء. ولهذا قال تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ وهو أنه إذا أرسله استرسل، وإذا استشلاه استشلي، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه حتى يجيء إليه، ولا يمسكه لنفسه. ولهذا قال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ. فمتى كان الجارح معلّما وأمسك على صاحبه- وكان قد ذكر اسم الله عليه وقت إرساله- حلّ الصيد وإن قتله، بالإجماع.

وقد وردت السنة بمثل ما دلت عليه هذه الآية الكريمة. كما

ثبت في (الصحيحين) «١» عن عديّ بن حاتم قال: قلت: «يا رسول الله! إني أرسل الكلاب المعلّمة وأذكر اسم الله؟ فقال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس منها. فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسمّ على غيره. قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد؟

فقال: إذا رميت بالمعراض الصيد فخرق فكله فإن أصابه بعرض، فإنه وقيذ، فلا تأكله» .

وفي لفظ لهما: إذا أرسلت كلبك فاذكر الله. فإن أمسك عليك فأدركته حيّا.

فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه، فكله، وإنّ أخذ الكلب ذكاته.

وفي رواية لها: فإن أكل فلا تأكله. فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه

. فهذا دليل للجمهور أنه إذا أكل الكلب من الصيد يحرم مطلقا. ولم يستفصلوا. كما ورد بذلك الحديث. وحكي عن طائفة من السلف أنهم قالوا: لا يحرم مطلقا. أكل أو لم يأكل.

روى ابن جرير «٢» عن سلمان الفارسي وأبي هريرة قالا: كل وإن أكل ثلثيه.


(١)
أخرجه البخاري في: الوضوء، ٣٣- باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان. عن عديّ بن حاتم قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال «إذا أرسلت كلبك المعلّم فقتل فكل وإذا أكل فلا تأكل. فإنما أمسكه على نفسه» قلت: أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر؟ قال «فلا تأكل. فإنما سميت على كلبك ولم تسمّ على كلب آخر»
. [.....] (٢) الأثر رقم ١١١٨٧- ١١٩٣ عن سلمان الفارسيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>