للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن سعد بن أبي وقاص: ... وإن أكل ثلثيه. وعنه: ... وإن لم يبق إلا بضعة. وعن ابن عمر: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك. أكل أو لم يأكل. وحكاه عن عليّ وابن عباس وغير واحد من التابعين.

وروي ذلك مرفوعا أيضا. أخرج أبو داود «١» عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنّ أعرابيّا، يقال له أبو ثعلبة، «قال: يا رسول الله! إنّ لي كلابا مكلبة فأفتني في صيدها. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إن كان لك كلاب مكلبة، فكل مما أمسكن عليك. فقال:

ذكيّ وغير ذكي، وإن أكل منه؟ قال: نعم وإن أكل منه. فقال: يا رسول الله! أفتني في قوسي! فقال: كل ما ردت عليك قوسك. قال: ذكي وغير ذكي؟ قال: وإن تغيب عنك ما لم يضلّ أو تجد فيه أثرا غير سهمك. قال: أفتني في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها. قال: اغسلها وكل فيها» . هكذا رواه أبو داود وقد أخرجه النسائيّ.

وكذا رواه أبو داود «٢» عن أبي إدريس الخولانيّ عن أبي ثعلبة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله، فكل وإن أكل منه، وكل ما ردت عليك يدك» .

وقد احتج بما ذكرنا من لم يحرم الصيد بأكل الكلب وما أشبهه، وقد توسط آخرون فقالوا: إن أكل عقب ما أمسكه فإنه يحرم. لحديث عديّ، وللعلة التي أشار إليها النبيّ صلى الله عليه وسلم. وأما إن أمسكه، ثم انتظر صاحبه، فطال عليه، وجاع فأكل منه لجوعه، فإنه لا يؤثر في التحريم. وحملوا على ذلك حديث أبي ثعلبة. وهذا تفريق حسن، وجمع بين الحديثين، صحيح.

وقد تمنى الأستاذ أبو المعالي الجويني في كتابه (النهاية) : أن لو فصل مفصل هذا التفصيل. وقد حقق الله أمنيته، وقال بهذا القول والتفريق طائفة من الأصحاب.

أفاده ابن كثير.

قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) : وسلك الناس في الجمع بين حديث عدي وأبي ثعلبة طرقا منها للقائلين بالتحريم (الأولى) حمل حديث أبي ثعلبة الأعرابي على ما إذا قتله وخلاه ثم عاد فأكل منه، و (الثانية) الترجيح، فرواية عدي في الصحيحين ورواية الأعرابي في غيرهما. ومختلف في تضعيفها. وأيضا، فرواية عدي


(١) أخرجه أبو داود في: الأضاحيّ، ٢٢- باب في الصيد، حديث ٢٨٥٧.
(٢) أخرجه أبو داود في: الأضاحيّ، ٢٢- باب في الصيد، حديث ٢٨٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>