للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأكل. وإذا غاب عنك فكلّ. فقد أحلّه الله لك. كذا في (اللباب) . وقول الحسن- في هذا البحث- هو الحسن.

وفي (النهاية) من كتب الزيدية: أما إذا ذبح أهل الذمة لأعيادهم وكنائسهم.

فكرهه مالك، وأباحه أشهب، وحرمه الشافعيّ. وذلك لتعارض عموم قوله تعالى:

وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وعموم قوله تعالى: وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ [البقرة:

١٧٣] ، فتخصيص كل واحد للآخر محتمل. ثم قال: والجمهور على تحريم ذبيحة المرتدّ. وأجازها إسحاق، وكرهها الثوريّ. وسبت الخلاف: هل المرتد يتناول اسم (الكتاب) أم لا؟ قال: وهكذا منشأ الخلاف في ذبائح بني تغلب، هل اسم (الكتاب) يتناول المتنصّر والمتهوّد من العرب، كما روي عن ابن عباس؟ أو لا يتناول، كما روي عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام. انتهى.

وقوله تعالى: وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ يعني: ذبائحكم حلال لهم. فتأكل اليهود والنصارى ذبيحة المسلمين. كذا في (التفسير) المنسوب لابن عباس.

ونقل بعض مفسّري الزيدية عن ابن عباس وأبي الدرداء، وبقية التابعين السالف ذكرهم، وأكثر المفسرين والفقهاء، أن المراد ذبائح المسلمين.

وقال الزجاج: تأويله: حلّ لكم أن تطعموهم. لأن الحلال والحرام والفرائض إنما تعقد على أهل الشريعة.

وقال ابن كثير: أي ويحل لكم أن تطعموهم من ذبائحكم. وليس إخبارا عن الحكم عندهم. اللهم! إلّا أن يكون خبرا عما أمروا به من الأكل من كل طعام ذكر اسم الله عليه. سواء كان من أهل ملّتهم أو غيرها. والأول أظهر في المعنى. أي:

ولكم أن تطعموهم من ذبائحكم كما أكلتم من ذبائحهم. وهذا من باب المكافأة والمجازاة. كما ألبس «١» النبيّ صلى الله عليه وسلم ثوبه لعبد الله بن أبيّ، ابن سلول حين مات ودفنه


(١)
أخرجه البخاري في: الجنائز، ٧٨- باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟ حديث ٦٧٦ ونصه: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبيّ، بعد ما أدخل حفرته. فأمر به فأخرج. فوضعه على ركبتيه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه. فالله أعلم. وكان كسا عباسا قميصا.
وقال أبو هريرة: وكان على رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصان. فقال له ابن عبد الله: يا رسول الله! ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك.
قال سفيان: فيرون أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله قميصه مكافأة لما صنع
. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>