للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا مشركين أو مسلمين. وهو مروي عن علي

وأبيّ هريرة والسدّي وغيره. وقد قال الهادي: إذا تاب المحارب قبل الظفر به، سقط عنه كل تبعة من قتل أو دين، لعموم الآية.

قال ابن كثير: أما على قول من قال: إنها في أهل الشرك فظاهر. أي: فإنهم إذا آمنوا قبل القدرة عليهم، سقط عنهم جميع الحدود المذكورة. فلا يطالبون بشيء مما أصابوا من مال أو دم. قال أبو إسحاق: جعل الله التوبة للكفار تدرأ عنهم الحدود التي وجبت عليهم في كفرهم، ليكون ذلك داعيا لهم إلى الدخول في الإسلام. وأما المحاربون المسلمون، فإذا تابوا قبل القدرة عليهم فإنه يسقط عنهم تحتم القتل والصلب وقطع الرجل. وهل يسقط قطع اليد؟ فيه قولان للعلماء. وظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع، وعليه عمل الصحابة. كما روى ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة- وكان قد أفسد في الأرض وحارب- فكلم رجالا من قريش منهم: الحسن بن علي وابن عباس وعبد الله بن جعفر.

فكلّموا عليا فيه فلم يؤمنه. فأتى سعيد بن قيس الهمداني، فخلفه في داره ثم أتى عليا فقال: يا أمير المؤمنين! أرأيت من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا- فقرأ حتى بلغ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ. فقال: اكتب له أمانا. قال سعيد بن قيس: فإنه جارية بن بدر. وكذا رواه ابن جرير «١» من غير وجه عن مجالد عن الشعبي، فقال حارثة بن بدر:

إلا أبلغا همدان إما لقيتها ... على النأي لا يسلم عدوّ يعيبها

لعمر أبيها إن همدان تتقي ... الإله ويقضي بالكتاب خطيبها

وروى ابن جرير «٢» - من طريق سفيان الثوري عن السدّي، ومن طريق أشعث- كلاهما. عن عامر الشعبي قال: جاء رجل من مراد إلى أبي موسى- وهو على الكوفة في إمرة عثمان رضي الله عنه- بعد ما صلى المكتوبة فقال: يا أبا موسى! هذا مقام العائذ بك. أنا فلان بن فلان المرادي. كنت حاربت الله ورسوله، وسعيت في الأرض فسادا، وإني تبت من قبل أن تقدروا علي. فقام أبو موسى فقال: إن هذا فلان بن فلان. وإنه كان حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا، وإنه تاب من قبل أن يقدر عليه، فمن لقيه فلا يعرض له إلّا بخير، (فإن يك صادقا فسبيل من صدق.


(١) الأثر رقم ١١٨٧٩ و ١١٨٨٠ و ١١٨٨١. من التفسير.
(٢) الأثر رقم ١١٨٨٤ من التفسير. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>