للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب أهل الحديث- وهم السلف من القرون الثلاثة ومن سلك سبيلهم من الخلف- أنّ هذه الأحاديث تمرّ كما جاءت ويؤمن. بها وتصدّق وتصان عن تأويل يفضي إلى تعطيل، وتكييف يفضي إلى تمثيل. وقد أطلق غير واحد ممن حكى إجماع السلف- منهم الخطابيّ- مذهب السلف أنّها تجري على ظاهره مع نفي الكيفية والتشبيه عنها. وذلك، أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، يحتذي حذوه ويتبع فيه مثاله. فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية.

فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية.. انتهى.

ويرحم الله الإمام يحيى الصرصريّ الأنصاريّ حيث يقول من قصيدة:

إن المقال بالاعتزال لخطّة ... عمياء حلّ بها الغواة المرد

هجموا على سبل الهدى بعقولهم ... ليلا فعاثوا في الديار وأفسدوا

صمّ، إذا ذكر الحديث لديهم ... نفروا، كأن لم يسمعوه، وغرّدوا

واضرب لهم مثل الحمير إذا رأت ... أسد العرين فهنّ منهم شرّد

إلى أن قال:

يدعو من اتبع الحديث مشبّها ... هيهات ليس مشبّها من يسند

لكنه يروي الحديث كما أتى ... من غير تأويل ولا يتأوّد

الثاني:

روى الإمام «١» أحمد والشيخان «٢» في معنى الآية عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة. سحاء الليل والنهار. أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم يغض ما في يمينه. وكان عرشه على الماء وفي يده الأخرى الفيض- أو القبض- يرفع ويخفض وقال: يقول الله تعالى:

أنفق أنفق عليك.

الثالث: في هذه الآية دلالة على جواز لعن اليهود، ولا إشكال أنّ ذلك جائز.

الرابع: هذه الآية أصل في تكفير من صدر منه، في جناب البارئ تعالى، ما يؤذن بنقص.


(١) أخرجه في المسند ١/ ٢٤٢ والحديث رقم ٧٢٩٦.
(٢) أخرجه البخاري في: التفسير، ١١- سورة هود، ٢- باب قوله وكان عرشه على الماء، حديث ٢٠١٢.
ومسلم في: الزكاة، حديث ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>