للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرضى من مالي بما رضي الله لنفسه؟

السابعة- خمس النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي جعله الله له، كان أمره في حياته مفوّضا إليه، يتصرف فيه بما شاء، ويرده في أمته كيف شاء.

روى الإمام أحمد «١»

أن أبا الدرداء قال لعبادة بن الصامت: يا عبادة! كلمات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس؟ فقال عبادة: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم، فلما سلّم قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتناول وبرة بين أنملتيه فقال: إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلّوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس، في الله تبارك وتعالى، القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة. ينجي الله تبارك وتعالى به من الغم والهم.

قال ابن كثير: هذا حديث حسن عظيم.

وروى أبو داود «٢» والنسائي عن عمرو بن عبسة، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلّى بهم إلى بعير من المغنم، فلما سلّم أخذ وبرة من جنب البعير ثم قال: ولا يحلّ لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس والخمس مردود عليكم

- واستدل به على أنه عليه الصلاة والسلام كان يصرفه لمصالح المسلمين.

وكان له صلّى الله عليه وسلّم من الغنائم شيء يصطفيه لنفسه، عبد أو أمة أو فرس أو سيف أو نحو ذلك، رواه أبو داود «٣» عن محمد بن سيرين والشعبي مرسلا، وأحمد والترمذي عن ابن عباس.

وللعلماء فيما يصنع بخمسه صلّى الله عليه وسلّم من بعده مذاهب: فمن قائل: يكون لمن يلي الأمر من بعده. قال ابن كثير: روي هذا عن أبي بكر وعليّ وقتادة وجماعة. وجاء


(١) أخرجه في المسند ٥/ ٣١٦.
(٢) أخرجه أبو داود في: الجهاد، ١٤٩- باب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه، حديث رقم ٢٧٥٥.
(٣) أخرجه أبو داود في: الخراج والإمارة والفيء، ٢١- باب ما جاء في سهم الصفي، الحديث رقم ٢٩٩١ عن عامر الشعبيّ، والحديث رقم ٢٩٩٢ عن محمد بما يقارب هذا اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>