وعن أم هانئ: ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي تلك الليلة. صلى العشاء الآخرة ونام بيننا. فلما كان قبيل الفجر أهبّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى الصبح وصلينا قال: يا أم هانئ! لقد صليت معكم العشاء الآخرة، كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه. ثم صليت الغداة معكم الآن كما ترون. وهذا بيّن في أنه بجسمه.
وعن أبي بكر (من رواية شداد بن أوس عنه) أنه قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به:
طلبتك يا رسول الله البارحة في مكانك فلم أجدك. فأجابه: أن جبريل حمله إلى المسجد الأقصى.
وعن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد ثم دخلت الصخرة-
وهذه التصريحات ظاهرة غير مستحيلة. فتحمل على ظاهرها.
وعن أبي ذرّ رضي الله عنه. عن النبي صلى الله عليه وسلم: فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ثم أخذ بيدي فعرج بي.
وعن أنس: أتيت فانطلقوا بي إلى زمزم.
وعن أبي هريرة: لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي. فسألتني عن أشياء لم أثبتها، فكربت كربا ما كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه. ونحوه عن جابر.
وقد روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث الإسراء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ثم رجعت إلى خديجة وما تحولت عن جانبها.
ثم قال القاضي عياض (في إبطال حجج من قال إنها نوم) احتجوا بقوله:
وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا فسماها (رؤيا) . قلنا: قوله: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ يرده لأنه لا يقال في النوم (أسرى) .
وقوله فِتْنَةً لِلنَّاسِ يؤيد أنها رؤيا عين وإسراء شخص. إذ ليس في الحلم فتنة ولا يكذب به أحد. لأن كل أحد يرى مثل ذلك في منامه من الكون في ساعة واحدة في أقطار متباينة. على أن المفسرين قد اختلفوا في هذه الآية. فذهب بعضهم إلى أنها نزلت في قصة الحديبية وما وقع في نفوس الناس من ذلك. وقيل غير هذا.
وأما قولهم: إنه قد سمّاها في الحديث مناما، وقوله
في حديث آخر: بين النائم واليقظان.
وقوله أيضا: وهو نائم. وقوله: ثم استيقظت- فلا حجة فيه. إذ يحتمل أن أول وصول الملك إليه كان وهو نائم. أو أول حلمه والإسراء به وهو نائم. وليس في