للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النحل: ١٠٦] ، وقال تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ [النور: ٣٣] ، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ [النساء: ٩٧] ، إلى قوله:

غَفُوراً وقال: وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ [النساء: ٧٥] ، فقد دلت الآية على النهي عن مناكحة الزاني، والمناكحة نوع خاص من المصاحبة. والمناكحة في أصل اللغة المجامعة. فقلوبهما تجتمع إذا عقد النكاح بينهما، ويصير بينهما من التعاطف ما لم يكن قبل ذلك.

حتى يثبت ذلك حرمة المصاهرة في غير الربيبة، بمجرد ذلك في التوارث وعدة الوفاة وغير ذلك. وأوسط ذلك اجتماعهما خاليين في مكان واحد، وهو المعاشرة المقررة للصداق، كما أفتى به الخلفاء. وآخر ذلك اجتماع المباضعة. وهذا، وإن اجتمع بدون عقد نكاح، فهو اجتماع ضعيف، بل اجتماع القلوب أعظم من مجرد اجتماع البدنين بالسفاح ودل قوله تعالى: الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ على ذلك من جهة المعنى ومن جهة اللفظ ودل أيضا على النهي عن مقارنة الفجار ومزاوجتهم، كما دل على هذا غير ذلك من النصوص. مثل قوله تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصافات: ٢٢] . أي نظراءهم وأشباههم. والزواج أعمّ من النكاح المعروف. قال تعالى: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً [الشورى،: ٥٠] ، وقال مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج: ٥] ، وقال وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكوير: ٧] ، وقال وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ [الذاريات: ٤٩] ، وقال وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً [النبأ: ٨] . وقال:

إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [التغابن: ١٤] ، وإن كان في الآية نصّ في الزوجة التي هي الصاحبة وفي الولد منها. فمعنى ذلك: في كل مشابه ومقارن في كل نوع وتابع وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ [الإسراء: ١١١] الآية. تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ [الفرقان: ١] ، الآيتين. فالمصاحبة والمصاهرة والمؤاخاة لا تجوز إلا مع طاعة الله على مراد الله.

ويدل عليه

الحديث الذي في السنن (لا تصاحب إلا مؤمنا. ولا يأكل طعامك إلا تقيّ) «١»

وفيها (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) «٢»

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد) «٣»

إلى قوله


(١) أخرجه الترمذي في: الزهد، ٥٦- باب ما جاء في صحبة المؤمن، عن أبي سعيد الخدري.
(٢) أخرجه الترمذي في: الزهد، ٤٥- باب حدثنا محمد بن بشار عن أبي هريرة.
(٣) أخرجه البخاري في: العتق، ١٧- باب كراهية التطاول على الرقيق، حديث رقم ١٠٨٨ و ١٠٨٩، عن أبي هريرة وزيد بن خالد.
وأخرجه مسلم في: الحدود، حديث رقم ٣٢ و ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>