السيء الذي ظنه بالله ورسوله- حيث ظنّ أنّ الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل- قد عطل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى.
الثالث: أنّه ينفي تلك الصفات عن الله عزّ وجلّ بغير علم، فيكون معطّلا لما يستحقه الرب.
الرابع: أنّه يصف الرب بنقيض تلك الصفات- من صفات الأموات والجمادات أو صفات المعدومات- فيكون قد عطّل به صفات الكمال التي يستحقّها الرب، ومثّله بالمنقوصات والمعدومات، وعطّل النصوص عما دلّت عليه من الصفات وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات، فيجمع في كلام الله وفي الله بين التعطيل والتمثيل فيكون ملحدا في أسماء الله وآياته.
وحاصل الكلام: أنّ هذه الصفات إنما هي صفات الله سبحانه على ما يليق بجلاله نسبتها إلى ذاته المقدسة كنسبة صفات كلّ شيء إلى ذاته.
هذا ملخّص ما قرّره شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه في رسالتيه (التدمرية) و (المدنية) .
قال الحافظ ابن عبد البرّ: أهل السنّة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلّا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة. وأمّا أهل البدع الجهمية والمعتزلة والخوارج فكلّهم ينكرها ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة، ويزعم أنّ من أقرّ بها شبّه. وهم، عند من أقرّ بها، نافون للمعبود. والحقّ فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنّة رسوله، وهم أئمة الجماعة.
وقال القاضي أبو يعلى في كتاب (إبطال التأويل) : لا يجوز ردّ هذه الأخبار، ولا التشاغل بتأويلها والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله لا تشبيه بسائر الموصوفين بها من الخلق، ولا يعتقد التشبيه فيها.
وقال عبد الله بن المبارك: إذا نطق الكتاب بشيء قلنا به، وإذا جاءت الآثار بشيء جسرنا عليه. واعلم أنه ليس في العقل الصحيح ولا في النقل الصريح ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية. والمخالفون للكتاب والسنة وسلف الأمة، من المتأولين لهذا الباب، في أمر مريج. وسبحان الله! بأيّ عقل يوزن الكتاب والسنّة.