صدري فما اتقيت الأرض إلا بظهري، ثم كشف عن ظهره فإذا هو قد برص. وكان صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد آخى بينه وبين جبر بن عُتيك.
وعند التاريخي ثنا أبو جعفر، ثنا داود بن رشيد، سمعت الهيثم بن عدي قال: خَبَّاب بن الأرت من أهل استينيا قرية عند قنطرة الكوفة.
قال الهيثم: وخباب سابق النبط، وهو أول من دفن بظهر الكوفة فدفن الناس مَوْتَاهم بها، وإنما كانوا يدفنونهم في جبانتهم.
وفي كتاب "الاستيعاب": لم يصبه سبي؛ ولكنه انْتَمَى إلى حلفاء أمه من بني زهرة، وكان فاضلا يكنى أبا يحيى، وقيل: أبو محمد، وهو أول مَنْ مات بالكوفة بعد صفين، وآخى رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين تميم مولى خراش بن الصمة، مات سنة سبع، وقيل: تسع وثلاثين بعد أَنْ شهد صفين والنهروان، وقيل: مات سنة تسع عشرة، وصَلَّى عليه عمر بن الخطاب.
وقال أبو نعيم الحافظ: مولى عتبة بن عزوان.
وقال أبو صالح: كان خباب قينًا يطبع السيوف، وكان رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يألفه ويأتيه، فأخبرت مولاته بذلك فكانت تأخذ الحديدة الْمُحْمَاة فتصفها على رأسه، فَشَكَا ذلك إلى النبيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال:"اللهُمَّ انصر خبَّابًا". فشكت مولاته من رأسها، فكانت تعوي مثل الكلاب.
فقيل لها: اكتوي. فكان خباب يأخذ الحديدة المحماة فيكوي بها رأسها. ولما رجع علي من صفين رأى قبره بظهر الكوفة، وكان أول من دفن بها، وإنما كانوا يدفنون موتاهم في أفنيتهم، وعلى أبواب دورهم، قال:(رحم اللَّه خبَّابًا أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلي في جسمه، ولم يضيع اللَّه أجر من أحسن عملا).
وقال ابن الأثير: الصحيح أنه لم يشهد صفين، منعه من شهودها طول مَرضه، وأما خباب المتوفى سنة تسع عشرة فهو مولى عتبة بن غزوان آخر. وذكر بعض العلماء أن خباب بن الأرت لم يكن قينًا، وإنما القين خباب مولى عتبة واللَّه أعلم.
وقال ابن حبان: مات منصرف علي من صفين سنة سبع، وهو أول من قبره عليُّ بالكوفة بعد منصرفه من صفين وهو ابن خمسين سنة، وصَلَّى عليه علي بن أبي طالب، وقيل: مات سنة تسع عشرة والأول أصح. وفي سنة تسع عشرة ذكر وفاته ابن أبي عاصم.