ودخل يومًا على معاوية وعنده بُسْرُ بن أبي أرطأة -قاتل ولديه-، فقال له: أيها الشيخ؛ أنت قاتل الصبيين؟ قال: نعم. قال: وددت أن الأرض أنبتتني عندك يومئذ. فقال بسر: أنبتتك الساعة. فقال عبيد اللَّه: ألا سيف؟ فقال بسر: هاك سيفي. فلمَّا أهوى به إليه، قبض معاوية على يده، وأقبل على بسر، وقال: أخزاك اللَّه؛ أذهب عقلك؟ أتدفع إليه سيفك؟ أما واللَّه لو تمكن منه لبدأ بي قبلك. فقال عبيد اللَّه: ذلك واللَّه أردت.
وذكره الجعابي في كتاب "الصحابة" تأليفه.
وفي "كتاب ابن الأثير": خرج عبيد اللَّه في سفر له ومعه غلام، فرفع لهما بيت أعرابي، فلما رآه الأعرابي أعظمه، وقال لزوجه: لقد نزل بنا رجل شريف، ثم قال لها: هل من عشاء؟ فقالت: لا واللَّه إلا هذه السويمة التي حياة ابنتك من لبنها. فقال: لا بد من ذبحها. قالت: أفتقتل ابنتك؟ قال: وإن! ثم إنه أخذ الشاة والشفرة وجعل يقول:
يا جارتي لا توقظي البنيه
إن توقظيها تنتحب عليه
وتنزع الشفرة من يديه
ثم طبخها وقدمها له، فأكل وكان قد سمع محاورته مع زوجه، فلمَّا أصبح قال لغلامه: ما معك؟ قال: خمس مائة دينار. قال: ادفعها إليه، فقال: سبحان اللَّه، وإنما ذبح لنا شاة ثمنها خمسة دراهم، فقال: ويحك، واللَّه لهو أسخى منا وأجود؛ إنما أعطيناه بعض ما نملك وهو قد جاد علينا وآثرنا على نفسه وولده. فبلغ ذلك معاوية فقال: للَّه در عبيد اللَّه، من أي بيضة خرج، ومن أي عش درج.
وذكره العسكري في فصل: من روى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو صغير، والبخاري في فصل: من مات ما بين الستين والسبعين.
٣٦٢٢ - (م د س ق) عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الأصمّ، العامريّ (١)
ذكره ابن خلفون في كتاب "الثقات".
وقال ابن حبان: الأصم هو عبد عمرو بن عدس بن معاوية بن عبادة بن البكاء.
وكنَّاه البخاري في "التاريخ الكبير": أبا عبد اللَّه.
وخرَّج أبو عوانة الإسفرائيني حديثه في "صحيحه"، وكذلك الحاكم، وابن