الأصول المجمع عليها، فأنكر ذلك أهل الحديث، وذموه، فأفرطوا، وحسده من أهل وقته من بغى عليه واستحل الغيبة فيه، وعظمه آخرون، ورفعوا من ذكره وزادوا في مدحه، وألف الناس في فضائله كثيرًا، وقال في "الاستغناء": قيل: إنه رأى أنسًا بن مالك، وسمع من عبد اللَّه بن الحارث بن جزء الزبيدي، فيعد بذلك من التابعين.
وفي "تاريخ ابن أبي خيثمة": قال رجل للحكم بن هشام المقفى: أخبرني عن أبي حنيفة، فقال: كان من أعظم الناس أمانة، أراده السلطان على أن يتولى مفاتيح خزانة أو يضرب ظهره، فاختار عذابهم على عذاب اللَّه تعالى، وقال بعضهم -يمدحه وأصحابه، ويهجو أبا سعيد الرأي ولقبه شرشر-:
عندي مسائل لا شرشر يحسنها ... إن سئل عنها ولا أصحاب شرشر
وليس يعرف هذا الدين بعلمه ... إلا حنيفية كوفية الدور
قال ابن سعد: أجمعوا أنه توفي في رجب ببغداد، أو شعبان سنة خمسين ومائة.
وفي "تاريخ المنتجالي": عن ابن معين: كانت له كتابه، وسئل وكان موقفه عند حماد، فقال: الموقف المحمود وهو من عليه أصحابه، وقيل له: لم تركت الرواية عن نافع؟
فقال: حكي عنه أنه سئل عن ذاك، فقال: رأيه -يعني: بإتيان النساء في أدبارهن-. قيل ليحيى: فَلِمَ لم يأخذ عن الشعبي؟
قال: سئل عن هذا، فقال: لأني سألته عن مسألة، فقال: (. . .) يعني: للموالي، فتركته.
وكان أبو حنيفة شيخًا فقيهًا، من نبلاء أصحاب حماد، وقال سليمان بن مهران: كان أبو حنيفة ورعًا حكيمًا سخيًا.
وقال أبو يعقوب: كان ذا ورع، وفقه، وحسن نظر.
٥٠١٢ - (خت م ٤) النعمان بن راشد الجزري، أبو إسحاق الرقي، مولى بني أمية (١)
قال ابن الجنيد عن يحيى بن معين: النعمان بن راشد: ضعيف الحديث، قلت: ضعيف فيما روى عن الزهري وحده؟
قال: في الزهري وغيره هو ضعيف الحديث.
(١) انظر: تهذيب الكمال ٢٩/ ٤٤٥، تهذيب التهذيب ١٠/ ٤٠٣.