في سِرْداب تحت الأرض لا يُفرِّقون بين ضياء النهار وسواد الليل، وكان هو وإخوته وأولاد عمه يتوضئون في مواضئهم، فلما اشتدت عليهم الرائحة احتال بعض مواليهم، حَتَّى أدخل عليهم عماله فكانوا يدفعون بها تلك الروائح، وكان الورم في أقدامهم فلا يزال يرتفع، حتى يبلغ الفؤاد فيموت، ومواضعهم تُزار إلى اليوم.
وذكره أبو حاتم ابن حِبَّان في جملة الثقات، وخرج حديثه في "صحيحه"، وكذلك الحاكم أبو عبد اللَّه ابن البيع. وذكر الدولابي في كتاب "الذرية" أنه روى عن جدته فاطمة بنت رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
١٢٨٧ - (س) الْحَسَنُ بن الْحَسَن بن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ والد الذي قبله (١)
قال الجعابي في "تاريخ الطالبيين" عن موسى: مات الحسن وله خمس وثلاثون سنة. وعن ابنه عبد اللَّه حضر الحسن مع عمه الحسين كربلاء، فجاء أسماء بن خارجة الفزاري فمنع منه.
وقال الزبير بن أبي بكر في كتاب "أنساب قريش": أرسل عبد الملك إلى هشام بن إسماعيل -وهو عامله على المدينة- أن أقم آل علي يشتمون عليًّا، وأقم آل عبد اللَّه بن الزبير يشتمون عبد اللَّه، فأبوا ذلك فكتبوا وصاياهم، قال: فأشارت أخت هشام بأن آل علي يشتمون آل الزبير، وآل الزبير يشتمون عليًّا، فاستسر الناس لذلك، فكان أول من أقيم إلى جانب الزبير الحسن بن الحسن، وكان رجلا رقيق البشرة عليه يومئذٍ قميص كِتَّان رقيق، فقال له هشام: سُب آل الزبير، فقال: إن لآل الزبير رحمًا أبلها ببلالها، وأربها بربابها {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ}[غافر: ٤١].
فقال هشام لحرسي عنده: اضرب، فضربه سوطًا واحدًا من فوق قميصه فخلص إلى جلده فسال الدم تحت قدمه على المرمر، فقام أبو هشام عبد اللَّه بن محمد بن علي فقال: أنا دونه أيها الأمير، فذكر خبرًا طويلا.
قال الزبير: وهو أخو: زيد، وعمرو، والقاسم، وأبو بكر، وعبد الرحمن، وحسين
(١) انظر تهذيب الكمال ١/ ٢٥٥، تهذيب التهذيب ٢/ ٢٦٣، تقريب التهذيب ١/ ١٦٥، خلاصة تهذيب الكمال ٩/ ٢٠، تاريخ البخاري الصغير ١/ ١٩٠، الجرح والتعديل ٣/ ١٧، الثقات ٤/ ١٢١، ٦/ ١٩٥، طبقات خليفة ٢٠٤٥، تاريخ الإِسلام ٣/ ٣٥٦، طبقات ابن سعد ٥/ ٥٢، البداية والنهاية ٩/ ١٧٠، سير الأعلام ٤/ ٤٨٣، العبر ١/ ١٩٦، تهذيب ابن عساكر ٤/ ١٦٥.