ولما دخل عليه علي بالكوفة يعوده قال له: يا صعصعة؛ لا تتخذها أبهة على قومك أن عادك أهل بيت نبيك صلى اللَّه عليه وسلم في مرضك. فقال: بل مَنٌّ علي من اللَّه أن عادني أهل بيت نبي في مرضي. قال: فقال له علي: إنك، واللَّه، ما علمت لخفيف المئونة، حسن المعونة. ولما خطب عند معاوية قال له: واللَّه، إن كنت لأبغض أن أراك خطيبًا. فقال صعصعة: وأنا، واللَّه، إن كنت لأبغض أن أراك أميرًا. فقال معاوية: واللَّه، لأجفينك عن الوساد، ولأشردنك في البلاد. فقال: واللَّه، إن في الأرض لسعة، وإن فراقك لدعة. فقال له عمرو بن العاص: مه، وما يجهمك لسلطانك؛ فقال له صعصعة: ويلي عليك يا ماوي مطردي أهل الفساد، ومعادي أهل الرشاد. فسكت عنه عمرو. فقال له معاوية: اسكت لا أرض لك. قال: ولا لك، يا معاوية؛ إنما الأرض للَّه يورثها من يشاء من عباده.
وقال الشعبي: كان صعصعة خطيبًا، وكنت أتعلم منه الخطب، واللَّه، ما أفتى فينا بفتيا قط.
ولما ذكره المرزباني في "معجمه" أنشد له -وقال: كان من أصحاب علي المختصين به-: [البسيط]
ألا سألت بني الجارود أي فتى ... عند الشفاعة والباب ابن صوحانا
هل كان إلا كأم أرضعت ولدا ... عُقت ولم تجز بالإحسان إحسانا
وقال ابن خلفون لما ذكره في "الثقات": كان من العقلاء، الفضلاء، البلغاء، الفصحاء، الخطباء، وسيدًا من سادات قومه. وقال قتيبة: كان من أخطب الناس.
وقال الجاحظ في كتاب "العرجان": ومن الحدوب زيد بن صوحان، وبنو صوحان كلهم خطيب، إلا أن صعصعة كان أعلاهم في الخطابة.
٢٦٧٠ - (د) صعصعة بن مالك والد زفر بصري (١)
قال ابن خلفون لما ذكره في "الثقات": صعصعة بن مالك بن صعصعة، حديثه في أهل المدينة.
وخرج الحاكم حديثه في "المستدرك"، وقال ابن حبان: يروي المراسيل.
وقال أبو عمر في "التمهيد": لا أعلم لزفر بن صعصعة وأبيه غير هذا الحديث -يعني حديث (الرؤيا) -، وهما مدنيان.