قال ابن سعد: كانت الراية يوم الجمل مع سيحان، فقتل، فأخذها زيد، وقيل: أخذها صعصعة. انتهى كلام المزي، وفيه نظر، من حيث إن ابن سعد لم يذكر خلافًا في أخذ الراية يومئذ، إنما ذكر: آخذها صعصعة. من غير تردد ولا شك ذكره. واللَّه أعلم، وتبعه على هذا جماعة، منهم السختياني في كتابه "أخبار الجمل".
وفي قوله أيضًا: ذكره ابن حبان في "الثقات". من غير زيادة، نظر؛ لأن ابن حبان لما ذكره فيهم أتبعه شيئًا لا يمكن إغفاله، وهو قوله: يخطئ.
وذكره غير واحد في الصحابة، منهم أبو عمر بن عبد البر، وقال: كان مسلمًا على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ولم يره، صغر عن ذلك، وكان سيدًا من سادات قومه، فصيحًا خطيبًا لسنًا دينًا فاضلا، يعد في أصحاب علي، وهو القائل لعمر بن الخطاب -حين قسم المال الذي بعثه أبو موسى، وكان ألف ألف درهم وفضلت فضلة، فاختلفوا أين يضعها، فقام صعصعة وهو غلام شاب فقال-: يا أمير المؤمنين، إنما يشاور الناس فيما لم ينزل فيه قرآن، فأما ما نزل فيه القرآن فلا، ضعه مواضعه التي وضعها اللَّه عز وجل فيها. فقال: صدقت، أنت مني، وأنا منك. فقسمه بين المسلمين. وكان ممن سيره عثمان رضي اللَّه عنه إلى الشام.
وفي "كتاب المسعودي": قال عقيل بن أبي طالب يصفه لمعاوية: أما صعصعة فعظيم الشأن، عضب اللسان، قائد فرسان، قاتل أقران، يرتق ما فتق، ويفتق ما رتق، نظيره قليل.
وقال له عبد اللَّه بن عباس: (يا ابن صوحان، إنك لسليل أقوام كرام خطباء فصحاء، ما ورثت هذا عن كلالة، وأنت باقر العرب، وأنت كما قال:[الكامل]
يرمي خطيب بين حرار في الورى ... بشباه غضب يغضب الأفواها
متقلدًا يوم الفخار كلامه ... وإذا يرمه أخر الثاقب تاها
قال المسعودي: ولصعصعة أخبار حسان بكلام بليغ موجز مختصر. ثم ذكر منه قطعة.
وفي "تاريخ البخاري الكبير": أدرك خلافة يزيد بن معاوية.
وفي "تاريخ دمشق": قام صعصعة إلى عثمان، وهو على المنبر، فقال: يا أمير المؤمنين؛ ملت فمالت رَعيتك، يا أمير المؤمنين؛ اعتدل تعتدل رعيتك. قال: أسامع أنت مطيع؟ قال: نعم. قال: فاخرج إلى الشام. قال: فلما خرج طلق امرأته كراهة أن يعضلها، وكانوا يرون الطاعة عليهم حقًّا.