والعقيلي، وشذَّ الأزدي فقال: منكر الحديث، وغفل أبو محمد بن حزم، فاتبع الأزدي وأفرط، فقال: لا تجوز الرواية عنه، وما درى أن الأزدي ضعيف، فكيف يُقبل منه تضعيف الثقات.
- أن يكون المعدِّل أو المجرِّح عارفًا بهذا الشأن:
أي: يكون من يتصدَّى للتضعيف والتوثيق من أهل الحديث البارعين فيه، العارفين بمخارج الحديث، وطرق الرواية، وأنواع التحمل، وكيفية الأداء، ونحو ذلك، ولو كان غير متخصص في هذا العلم، فإنه لا يمكنه الطعن في الرواة، أو توثيقهم بما لا يقتضيه حالهم.
- أن يكون المعدِّل أو المجرِّح عارفًا بالأسباب التي يُجرّح من أجلها الإنسان:
إذا كان المجرِّح أو المعدِّل لا يعرف أسباب الجرح والتعديل، فإنه قد يُجرّح أو يُعدِّل بغير أسبابهما، فهناك أمور لا يستدلُّ بها على التعديل، كما توجد أسباب لا يُجرّح بها.
قال أحمد بن يونس، عن عبد اللَّه بن عمر بن حفص العمري: لو رأيت هيئته لعرفت أنه ثقة. قال أهل العلم عن قوله: هذا لا عبرة به؛ لأنه استدلَّ بهيئة عبد اللَّه على توثيقه، والهيئة لا يستدلُّ بها على التوثيق.
فقد يأتي العامِّي في لباس العلماء وهيئتهم، وهو عامي لا يعرف من العِلْم شيئًا، كما أن أكثر العلماء يتحلُّون بالزهد والورع، فيلبسون الثياب الرَّثة البالية، حتى لا يخطر في البال أنه من العلماء، فإذا تكلَّم عرف علمه وفقهه.
[المبحث الثاني مراتب الجرح والتعديل]
لقد عني العلماءُ وأئمة الجرح والتعديل بذكر ألفاظ الجرح والتعديل، وبيان مراتبها ودرجاتها، وقد رتَّبها ابن أبي حاتم في مقدمة كتابه "الجرح والتعديل"، فجعلها أربع مراتب، فأحسن وأجاد. وتَبِعَه في ذلك الإمامان: ابن الصلاح في كتابه "علوم الحديث"، والنووي في مختصره المُسمَّى بـ "التقريب"، والذي شرحه الإمام السيوطي بكتابه الجامع "تدريب الراوي"، ثم جعلها الإمامان الذهبي والعراقي خمس مراتب. ثم جاء الحافظ ابن حجر فجعلها ست مراتب.
[١ - ألفاظ التعديل]
المرتبة الأولى: الوصفُ بما يدلُّ على المبالغة، وهو الوصف بأفعل، مثل: فلان أوثق الناس، وأعدل الناس، وإليه المنتهى في التثبت. ومثله قول الشافعي في ابن مهدي: لا أعرف له نظيرًا في الدنيا. ومثله أيضًا قول هشام بن حسان في ابن سيرين: حَدَّثَنِي أَصْدَقُ مَنْ أَدْرَكتُ مِن البَشَرِ مُحَمَّد بن سِيرِين.
ومنه: لا أحد أثبت منه، ومَنْ مثل فُلان، وفُلان لا يُسأل عنه، ولم أر من ذكر هذه الثلاثة، وهي في ألفاظهم.