الأسرى، ومكالبته صعاليك العرب على الأسلاب؛ ولقد طالت حياته حتى تمنينا موته. فلما سمع العباس ذلك قال: أما قولك: إني أستهين بالسبايا، فإني أحذو القوم في نسائهم بفعالهم في نسائنا، وأما قتل الأسرى، فإني قتلت الزبيدي بخالك، إذ عجزت عن ثأرك، وأما مكالبتي الصعاليك، فواللَّه ما أتيت على مسلوب قط إلا لمت سالبه. ثم جرت بينهما قصات، ذكر منها جملة.
وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة طبقة الخندقيين، فقال: لقي النبي النبي صلى اللَّه عليه وسلم حين هبط من المشلل، قال: وأنا وأصحابي في آلة الحرب والحديد ظاهر علينا، والخيل تنازعنا الأعنة، قال: فتصففنا له صلى اللَّه عليه وسلم وإلى جنبيْه أبو بكر وعمر، فقال:"يا عُيينة، هذه بنو سليم قد حضرت بما ترى من العدة والعدد". فقال: يا رسول اللَّه؛ جاءهم داعيك ولم ياتني، أما واللَّه إن قومي لمعدون في الكراع والسلاح، وإنهم لأحلاس الخيل، ورجال الحرب، ورماة الحدق. فقال عباس: أقصر أيها الرجل؛ فواللَّه إنك لتعلم أنا أفرس على متون الخيل، وأطعن بالقنا، وأضرب بالمشرفية منك ومن قومك. فقال عيينة: كذبت وخنت، لنحن أولى بما ذكرت منك، وقد عرفته لنا العرب قاطبة، فأومأ إلينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بيده حتى سكتَنا.
ولما قال:
أتجعل نهبي ونهب العبيد
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:"لأقطعن لسانك، وقال لبلال: إذا أمرتك أن تقطع لسانه أعطه حُلة، ثم قال: يا بلال، اذهب به فاقطع لسانه". فأخذ بلال بيده ليذهب به، فقال: يا رسول اللَّه؛ أيقطع لساني؛ يا معشر المهاجرين؛ أيقطع لساني؛ يا للمهاجرين؛ أيقطع لساني؛ وبلال يجره، فلما أكثر قال: إنما أمرني أن أكسوك حلة أقطع بها لسانك، فذهب به فأعطاه حلة.
قال محمد بن عمر: ولم يسكن بمكة ولا المدينة، وكان يغزو مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم ويرجع إلى بلاد قومه، وروى عنه البصريون، وبقية ولده ببادية البصرة، وقد نزل قوم منهم بالبصرة.