أقمت في خرجتي الثالثة بالشام والعراق ومصر أربع سنين وستة أشهر.
حدثنا الحسن بن أحمد بن الليث، قال: سمعت أحمد بن حنبل، وسأله رجل فقال: بالري شاب، يقال له أبو زرعة فغضب أحمد، وقال: تقول شاب؟ كالمنكر عليه، ثم رفع يديه وجعل يقول: اللهم انصر أبا زرعة على من بغى عليه، اللهم عافه، اللهم ادفع عنه البلاء في دعاء كثير؛ فلما قدمت على أبي زرعة حكيت له ذلك وكتبت له الدعاء، فقال لي أبو زرعة: ما وقعت في بلية قط، فذكرت دعاء أحمد إلا ظننت أن البلية تفرج عني.
وكتب إليه عبد الرحمن بن عمر بن شبة من أصبهان: اعلم -رحمك اللَّه- أني ما أكاد أنساك في الدعاء لك ليلي ونهاري؛ أن يمتع المسلمون بطول بقائك، ولولاك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل، فاحمد اللَّه على ذلك.
وقال محمد بن مسلم: ما فاتني الدعاء لأبي زرعة في شيء من صلاة الفرائض منذ مات إلا أمس، فدعوت له بعد ما صليت. وسمعت أبا زرعة يقول: رأيت في المنام كأن عليّ ثوبًا له خطوط دقاق. قال ابن أبي حاتم: وتفسيره أن يشهر فاشتهر بالعلم والخير. قال: وقال لي بشر بن معاذ: لو أمكني أعطيت فيك وفي ابن مسلم مائة ألف لمنعكم من التحديث.
وكان أبو زرعة يقول: لو كان صحة بدن على ما أريد كنت أتصدق بمالي كله، وأخرج إلى طرسوس أو إلى ثغر من الثغور، وآكل من البقول وألزمها، ثم قال: وإني لألبس الثياب لكي إذا نظر الناس إلي لا يقولون ترك أبو زرعة الدنيا، ولبس الثياب الدون، وإني لآكل ما يقدم إلي من الطيبات والحلو لكي لا يقول الناس أن أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده، وإني لآكل الشيء الطيب وما مجراه عندي ومجرى غيره من الآدم إلا واحد.
وقال ابن عبد البر: كان أحد الأئمة في علم الحديث، وأعلم الناس بحديث مالك وأحفظهم له، وكان أحمد بن حنبل وابن راهويه وهو تلميذ لهما يعظمانه ويثنيان عليه بالحفظ والفضل والقيام بالسنة.
٣٦٣٦ - (ع) عبيد اللَّه بن عبد المجيد بن عبيد اللَّه بن شريك، أبو علي الحنفي، أخو بكر وعمير وشريك (١)