٣ - كذلك كانت للإمام الذهبي إضافاتٌ بديعة، عند ما رتَّب الرواة -من الشيوخ والتلاميذ- بحسب طبقتهم، بدلا من ترتيبهم أبجديًّا، كما هو الحال في "تهذيب الكمال".
٤ - كذلك أجاد الذهبي عندما ذهَّبَ أكثر تراجم الكتاب بتعليقات، واستدراكات وتنبيهات غاية في الأهمية، ممَّا يؤكد على غزارة عِلْمه، واتساع حافظته، وجودة فكره. ويمكن تقسيم تلك التعليقات بحسب فائدتها إلى ما يلي:
[أولا: توضيح مُبْهم]
مثال على ذلك: قال المزي في ترجمة أحمد بن إسماعيل بن نبيه: حدَّث ببواطيل عن مالك. هكذا دون بيان تلك البواطيل. فقال الذهبي: وممَّا نُقِمَ عليه حديثه عن مالك: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ".
وفي ترجمة بقية بن الوليد بن صائد، نقل المزي عن علماء الجرح والتعديل: أن لبقية روايات منكرة. هكذا دون بيان أو تفصيل. فقال الذهبي: ولبُقية مناكير وغرائب، وله نسخة عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، فيها عجائب مرفوعة، منها حديث:"تَرِّبُوا الكِتَابَ أَنْجَحُ لَهُ"، وحديث:"مَنْ أَدْمَنَ عَلَى حَاجِبَيْهِ بِالمُشْطِ، عُوفِيَ مِن الوَبَاءِ"، وحديث:"إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ فَلا يَنْظُر إلَى فَرْجِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ العَمَى". ثم نقل كلام ابن حبان فقال: ثنا بقية، عن ابن جريج، في نسخة كتبناها بهذا الإسناد كلها موضوعة، يشبه أن يكون بقية سمعه من إنسان ضعيف، عن ابن جريج، فدلَّس عليه، فالْتَزَق كل ذلك به.
وفي ترجمة حفص بن عمر ابن أبي العطاف، ذكر المزي أن له رواية عند ابن ماجه. فقال الذهبي: حديثه: "تَعَلَّمُوا الفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا، فَإِنَّهُ نِصْفُ العِلْمِ، وَهُوَ يُنْسَى، وَهُوَ أَوَّلُ شَيءٍ يُنْتَزَعُ مِنْ أُمَّتِى".
وفي ترجمة الحكم بن مصعب المخزومي، قال المزي: وله رواية عند أبي داود، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وابن ماجه، هكذا بما يُوهم أن له أكثر من حديث، فقال الذهبي: له حديث واحد في الكتب: "مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب".
ثانيًا: تفصيلُ مجملٍ:
قال المزي في ترجمة أحمد بن شعيب النسائي: سمع بخراسان والعراق، والحجاز