للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مخصوصة، وعن مراتب تلك الألفاظ.

ثانيًا: أهمية علم الجرح والتعديل

علم الجرح والتعديل هو أحد أنواع العلوم المتعلقة بالرواة، وهذا العلم يُعدُّ من الأهمية بمكان؛ ذلك أن الغرض من معرفته حفظُ سُنَّة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم.

فمن أهميته: إجماع أهل العلم على أنه لا يُقبل إلا خبر العدل، كما أنه لا تُقبل إلا شهادة العدل؛ لذلك كان السؤال عن المخبِر من أهل العلم والمعرفة واجبًا محتمًا.

وإذا كان معرفة أحوال الرواة من أوجب الواجبات لحفظ سُنَّة النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فإن بيان حال من عُرف بالضعف أو الكذب، وكذا من عُرف الضبط والعدالة من ذلك الواجب أيضًا؛ ليُعرّف الناس حقيقة أمر من نقل حديث النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى الأمَّة.

وهذا الاهتمام بالرواة، وهو ما يعرف بالاهتمام بالإسناد، وهو ما يتردَّد على أَلْسِنَة كثير من المحدِّثين بقولهم: الإسناد، وفضائل الإسناد، وأهمية الإسناد، والإسناد من خصائص الأمَّة المحمَّدية، ونحو ذلك.

والإسناد من خصائص هذه الأمة، ليست لغيرها من الأمم. قال ابن حزم: نَقْلُ الثقة عن الثقة، يبلغ به النبي صلى اللَّه عليه وسلم مع الاتصال، خصَّ اللَّه به المسلمين دون سائر المِلَل. وأما مع الإرسال والإعضال، فيُوجد في كثير من اليهود، ولكن لا يقربون فيه من موسى قُرْبنا من محمد صلى اللَّه عليه وسلم، بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرًا، وإنما يبلغون إلى شمعون ونحوه.

قال: وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق فقط، وأما النقل بالطريق المشتملة على كذاب، أو مجهول العين، فكثير في نقل اليهود والنصارى.

قال: وأما أقوال الصحابة والتابعين، فلا يمكن لليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبي أصلا، ولا إلى تابع له، ولا يمكن للنصارى أن يَصِلُوا إلى أعلى من شمعون وبولص.

من دلائل اهتمام هذه الأمة بالإسناد، ورجال الإسناد، ما يلي:

قال عبد اللَّه بن المبارك: الإسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلا الإسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ.

وقال عبدان، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّه بن المُبَارَك يَقُولُ: الإسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلا الإسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ. قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: فَلَوْلا الإسْنَادُ، وَطَلَبُ هَذِهِ الطَّائِفَة لَهُ، وَكَثْرَةُ مُوَاظَبَتِهِمْ عَلَى حِفْظِهِ، لَدَرَسَ مَنَارُ الإسْلامِ، وَلَتَمَكَّنَ أَهْلُ الإلْحَاد وَالْبِدَع فِيهِ بِوَضْعِ الأحَادِيثِ وَقَلْبِ الأسَانِيدِ، فَإِنَّ الأخْبَارَ إِذَا تَعَرَّتْ عَنْ وُجُودِ الأسَانِيد فِيهَا، كَانَت بُترًا.

وقال عبدان، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّه، يَعْنِي: ابن المُبَارَك، يَقُولُ: الإسْنَادُ عِنْدِي مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلا الإسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ.

وقَالَ ابن المُبَارَك: مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ أَمْرَ دِينه بِلا إِسْنَادٍ، كَمَثَلِ الَّذِي يَرْتَقي السَّطْحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>