للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس جيدًا لأمرين:

الأول: استبداده به من غير عزو.

الثاني: ما قاله الخطيب لقائل أَنْ يقول: لم يصرح إمام من أئمة هذا الشأن بعدم سماعه منه، ولا هو صرَّح بذلك، ولو قاله لقبل منه، إِنَّمَا قاله استنباطًا من حديث واحد روى عنه بدخول واسطة بينهما.

وهذا رواه الأوزاعي، من عند الطبراني، ثنا أسيد، عن خالد بن دريك، عن ابن محيريز قال: قلت لأبي جمعة. فذكر قوله: "قلنا: يَا رَسُولَ اللَّه؛ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا أَسْلَمْنَا وَجَاهَدْنَا مَعَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي" (١).

وذلك غير قادح في اتصال ما بينهما؛ لأن الإنسان يسمع من شيخه أحاديث ولم يسمع منه شيئًا خاصًّا فلا قدح، إِنَّما يدل على ثِقة ذلك الرجل وتحريه الصدق.

وفي كلامه إشعار أَنَّ البخاري تفرَّد به، وليس كذلك لما بيَّنَّاه، على أن هذا الحديث المستدل به قد اختلف فيه على الأوزاعي:

فرواه عنه عقبة بن علقمة عند ابن عساكر عن أسيد، قال: قال رجل لأبي جمعة، الحديث. فهذا يدلك على أن الأوزاعي رحمه اللَّه مع جلالته لم يضبط هذا عن أسيد.

ولهذا قال أبو نصر بن ماكولا: يروي حديثًا يختلف فيه.

وقد وهم الأوزاعي فيه وهمًا آخر بيَّنه ابن عساكر، وهو قوله: روى عن أبي واقد الليثي صالح بن محمد قال أبو القاسم قوله ابن محمد وهم. وأيضًا - فلا ينكر له منه سماع بجواره معه بالرملة قصبة فلسطين؛ لإدراكه إيَّاه، تُوفي ابن محيريز في سنة مائة، وأسيد سنة أربع وأربعين ومائة عن سن عالية، فما المانع من سماعه منه على رأي جمهور المحدثين الذين لا يشترطون ثبوت اللقاء من خارج، وهو الصواب الذي رجَّحه مسلم وغيره، وكادوا أن يدعوا فيه الإجماع، واللَّه الموفق.

٥٥٢ - (بخ د ق) أسيد بن علي بن عبيد الساعدي، مولى أبي أسيد (٢)


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ١/ ٨٢٥٧، ورقم ٢٩٦٠. وأخرجه أيضًا: الطيالسي ص ٢٩٤، ورقم ٢٢١٩، وأحمد ٣/ ٥٦، ورقم ١١٥٤٩، وأبو يعلى ٢/ ٤٨١، ورقم ١٣١١. والبزار كما في كشف الأستار ١/ ٢٦١، ورقم ٥٣٦. قال الهيثمي ٢/ ١٢٠: فيه على بن زيد وهو مختلف في الاحتجاج به وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٢) انظر: التاريخ الكبير للبخاري ٢/ ١٣، والثقات ٦/ ٧٢، والجرح والتعديل ٢/ ٣١٦، وتهذيب الكمال للمزي ٣/ ٢٤٣، وتهذيب التهذيب لابن حجر ١/ ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>