ومرَّ في السورة وهو شاخص، بلغ قوله تعالى:{كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[الإسراء: ١٩]، فقال: يا أماه؛ ما كان سعيهم؟ قالت: لا أدري. فدخل أبوه فقال: يا بنى، قالوا: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه. قال: فلم يزل داود يكررها.
وقيل: إِنَّه شَكَا جارٌ جارًا له، فجعل الشاكي يغلظ لخصمه ما لا ينبغي. فقال له داود: إن لسانك لرطب، فيبس لسان الرجل لساعته، حتى بقي كالعظم. فقال داود: اللهم أنت تعلم أني لم أرد هذا. فانطلق لسان الرجل، وتاب عن الملاحاة.
١٦٣٥ - (خت م ٤) دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْد دينار بن عذافر، ويُقال: طهمان، أبو بكر، ويُقال: أبو محمد القشيريّ، البصريّ (١)
قال المزي: كان فيه -يعني "الكمال"- يكنى أبا أحمد. وهو وهم، إنما هو أبو محمد. انتهى كلامه.
وفيه نظر، من حيث إن صاحب "الكمال" هو في هذا تابع اللالكائي، فإنه كَنَّاه بذاك، ألفيته مجودًا بخط الإقليشي الحافظ في "كتاب اللالكائي"، فلا عيب عليه؛ لأن له فيه سلفًا، وإن كان الصواب الذي ذكره المزي، واللَّه تعالى أعلم.
قال الحربي في كتاب "العلل": روى عن إسحاق بن عبد اللَّه بن الحارث الهاشمي. وقال ابن حبان: روى عن أنس بن مالك خمسة أحاديث لم يسمعها منه، وكان داود من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات، إلا أنه كان يَهِم إذا حدَّث من حفظه، ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير يخطئه، والوهم القليل يهمه، حَتَّى يفحش ذلك منه؛ لأن هذا لا ينفك منه البشر، ثنا ابن مسلم، ثنا كثير بن عبيد الحذاء، ثنا سفيان بن عيينة قال: قال أبي: لقد رأيت داودَ بن أبي هند، وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهو يسمى داود القارئ. ثم خرج حديثه في "صحيحه"، وكذلك أبو عوانة، والحاكم، وابن الجارود، والدارمي.
وفي "كتاب الصريفيني" عن ابن الأثير: مات سنة سبع وعشرين ومائة. ولما ذكره ابن شاهين في جملة الثقات قال: قال عثمان بن سعيد: داود ثَبْت.
ولما ذكره ابن خلفون في "الثقات" قال: اسم أبي هند زياد، وقيل: دينار. وقال