التابعين في حدود الخمسين ومائة، تكلَّم طائفة من الجهابذة في التوثيق والتضعيف، كالأعمش، وشعبة بن الحجاج، ومالك بن أنس.
سابعًا: أنواع المصنفات في الجرح والتعديل
بما أن الحُكم على الحديث صحَّة وضعفًا مبنيٌّ على أمور، منها: عدالة الرواة وضبطهم، أو الطعن في عدالتهم وضبطهم؛ لذلك قام العلماء بتصنيف الكُتب التي فيها بيان عدالة الرواة وضبطهم، منقولة عن الأئمة المُعَدِّلين الموثوقين، وهذا ما يُسمى بـ (التعديل)، كما أن في تلك الكُتب بيان الطعون المُوجَّهة إلى عدالة بعض الرواة، أو إلى ضبطهم وحفظهم كذلك، منقولة عن الأئمة غير المتعصبين، وهذا ما يُسمُّى بـ (الجَرْح)، ومن هنا أُطلق على تلك الكتب: كتب الجرح والتعديل.
وهذه الكُتب كثيرة ومتنوعة، فمنها المُفْرَدَة لبجان الرواة الثقات، ومنها المفردة لبيان الضعفاء والمجروحين، ومنها كتب لبيان الرواة الثقات والضعفاء. ومن جهة أخرى فإن بعض هذه الكتب عامّ لذكر رواة الحديث، بغض النظر عن رجال كِتاب أو كُتب خاصة من كتب الحديث، ومنها ما هو خاص بتراجم رواة كتاب خاص أو كتب معينة من كتب الحديث.
هذا ويعتبر عمل علماء الجرح والتعديل في تصنيف هذه الكتب، عملا رائعًا مُهمًّا جبارًا، إذ قاموا بمسح دقيق لتراجم جميع رواة الحديث، وبيان الجرح أو التعديل الموجَّه إليهم أولا، ثم بيان من أخذوا عنه ومن أخذ عنهم، وأين رحلوا، ومتى الْتَقُوا ببعض الشيوخ، وما إلى ذلك من تحديد زمنهم الذي عاشوا فيه، بشكل لم يُسْبَقوا إليه، بل ولم تصل الأمم المتحضرة في هذا العصر إلى القريب ممَّا صنَّفه علماء الحديث، من وَضْع هذه الموسوعات الضخمة في تراجم الرجال ورواة الحديث، فحفظوا على مدى الأيام التعريف الكامل برواة الحديث ونقلته، فجزاهم اللَّه عنَّا خيرًا، وحتى لا تتشتَّت الأذهان في معرفة هذا النوع من علم الحديث الشريف، قسَّمْته إلى خمسة فصول:
الفصل الأول: مصنفات خاصة بالرواة الثقات.
الفصل الثاني: مصنفات خاصة بالرواة الضعفاء.
الفصل الثالث: مصنفات خاصة بكل من الثقات والضعفاء.
الفصل الرابع: مصنفات خاصة برواة كتب معينة، كالكتب الستة، وما شابهها.
الفصل الخامس: مصنفات خاصة بمعاجم الشيوخ.
[الفصل الأول: في ذكر أسماء المصنفات الخاصة بالرواة الثقات]
١ - كتاب "تاريخ الثقات"، للإمام أحمد بن عبد اللَّه بن صالح العجلي، المتوفى عام (٢٦١ هـ)، مطبوع في مجلد.
٢ - كتاب "الثقات" للإمام محمد بن حبان البستي، المتوفى عام (٣٥٤ هـ)، مطبوع في