الشيوخ والتلاميذ لبعض المترجمين وجهةَ نظر، وليست خطأ وقع فيه ابن حجر.
وأخيرًا؛ فلو أنصف المرء، فذكر حسنات الكتاب الكثيرة، لا سيما حذفه كثيرًا من الأحاديث العوالي التي أوردها المزي من روايته؛ لأقَرَّ بأن عمل الحافظ ابن حجر في هذا الكتاب عملٌ نافعٌ مشكورٌ، وأن الكتاب من خيرة الكتب في معرفة تراجم رجال الكتب الستة، واللَّه أعلم.
إن "تهذيب التهذيب" على جلالة قدر مصنفه، وفائدة الكتاب العظيمة في تحرير بعض الوفيات، وزيادات في الجرح والتعديل ونحو ذلك، إلا أن الطالب الذي يبحث عن تعيين راوٍ، لا يمكن له أبدًا استخدام "تهذيب التهذيب"، ولو استخدمه سيضل ولا يصل إلى الحقيقة بحال من الأحوال، فلا بد أن يرجع للأصل وهو "تهذيب الكمال" للمزي، رحمه اللَّه.
[كتاب "تقريب التهذيب" للحافظ ابن حجر]
هو اختصار لكتابه القيم "تهذيب التهذيب"، وهو بنفس ترتيبه، وفيه اسم صاحب الترجمة، والحكم عليه جرحًا وتعديلا، وذكر طبقته، ومتى توفي.
ومن المعلوم أن الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه، من أهل الاستقراء التامّ في علم الحديث، على وجه الخصوص علم الرجال؛ لأن هذا العلم هو أول العلوم الحديثية التي قرأها ودرسها، إذ عانها وهو لا يزال في المكتب، وعلى وجه التحديد سنة (٧٨٦ هـ)، وعمره لم يتجاوز الثلاثة عشر عامًا.
قال السخاوي عن شيخه الحافظ ابن حجر: إنه حُبِّب إليه النظر في التواريخ وأيام الناس، حتى إنه كان يستأجرها ممَّن هي عنده، فعلق بذهنه الصافي الرائق شيء كثير من أحوال الرواة، وكان ذلك بإشارة من أهل الخير.
ولقد كان لـ "التقريب" مكانة خاصة عند ابن حجر، إذ بقي الكتاب بين يديه طيلة (٢٣) عامًا، يضيف إليه، ويحذف منه، ويعدِّلُ فيه، ويعيد ضبط ما ضبطه قبل، أو بضبط ما لم يضبطه. . . . . .
وهكذا نرى أن "التقريب" هو خلاصة ما توصل إليه الحافظ ابن حجر من أحكام على رواة الكتب الستة وما أُلْحِق بها، وعصارة فكر متواصل البحث والدراسة،