وفي قول المزي: ذكره البخاري. غير واحد فيمن شهد بدرًا نظر؛ لأنا لا نعلم مَنْ قال بقول البخاري، وابن إسحاق، وابن عقبة، وأبي معشر، وسليمان بن طرخان التيمي، ومحمد بن سعد، وابن المنذر، وخليفة، والهيثم، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن شهاب الزهري، فإنهم لم يذكروه في البدريين المذكورين في سيرهم، والذين قالوه كالترمذي، وابن أبي حاتم، وأبي نعيم، وابن منده، وأبي عمر ابن عبد البر وغيرهم من المتأخرين فلعلهم شربوا من ماء واحد تبعوا البخاري، وأيضًا فالمزي إنما يعتمد على ما ينقله ابن عساكر، وابن عساكر لم يذكر قديمًا إنما ذكر كلام المتأخرين، واللَّه تعالى أعلم.
وقال أبو حاتم: نزل الشام، وقال ابن حِبَّان: الكوفة، وقال ابن منده: الرقة، ومات بها في عهد معاوية بن أبي سفيان. وحديثه ألزم الدارقطني الشيخين إخراجه؛ لصحة الطريق إليه.
والحديث الذي ذكره المزي عن ابن أيمن بن خريم قال: إِنَّ أبي وعمي شهدا بدرًا. ذكره ابن عساكر من غير طريق: شهدا الحديبية. قال ابن عساكر: وهو الصواب، واللَّه أعلم.
وفي "الدلائل" لأبي نعيم قال خريم بن فاتك لعمر بن الخطاب: ألا أخبرك ببدو إسلامي بيننا أنا فى طلب نعم لنا، إذ جنني الليل بأبرق العزاق فناديت بأعلى صوتي أعوذ بعزيز هذا الوادي من سُفهاء قومه، فإذا هاتف يَهْتف بي:
عذ يا فتى باللَّه ذي الجلال ... والمجد والنعماء والأفضال
واقرأ آيات من الأنفال ... ووحد اللَّه ولا تبال
قال: فرعت من ذلك روعًا شديدًا، فلما رجعت إليَّ نفسي قلت:
يا أيها الهاتف ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل؟
بَيَّن لنا هديت ما السبيل قال فقال:
هذا رسول اللَّه ذو الخيرات ... يدعو إلى الخيرات والنجاة
يأمر بالصوم والصلاة ... ويزع الناس عن الهنات
قال فأقعدت راحلتي وقلت:
أرشدني رشدًا بها هدينا ... لا جعت يا هذا ولا عريتا
ولا صحبت صاحبًا مقيتًا ... لا تثوين الخير إن رؤيتا