للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي "العقد": كان الخليل بن أحمد قد غلبت عليه الإباضية؛ حَتَّى جالس أيوب بن أبي تميمة، فأنقذه اللَّه تعالى به.

وروينا في جزء عن ابن ناصر أنَّ الأصمعيّ قال: سألت الخليل مِمَّن هو؟ قال: نحن من أزد عمان من فراهيد. قلت: وما فراهيد؟ قال: جرو الأسد بلغة عمان. قال الأصمعي: وربما قال: الفرهودي، وأنشدني في فضل النحو فذكر أبياتًا مِنْهَا (١):

فَاطلُبِ النَحوَ لِلحِجاجِ وَلِلشِعـ ... ـرِ مُقيمًا وَالمُسنَد المرادي

وَالخِطابِ البَليغِ عِندَ احتجاج ... الخصيم يزهى بحسنه في النَدِيِّ

وقال في كتاب "التقريظ": هو أوحد الصغير، فريع الدهر، وجهبذ الأئمة، وأستاذ أهل الفِطْنة الذي لم يربط مرة، ولا عرف في الدنيا عديله؛ حَتَّى لقال بعض أهل العلم: إِنَّه لا يجوز على الصراط بعد الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم والصحابة أَحدُّ زهدًا من الخليل. وروى ثعلب: كان الخليل لم ير مثله.

وقال المرزباني في كتاب "المعجم": أمه عنكشة، وكان من عُقلاء الرجال وزهاد أهل البصرة، وذوي الفضل والورع منهم، وتنبه بحسن فطنته من أمر العَروض، وأوزان الشعر، والعلم بالعربية، والأبنية، وتركيب الحروف بعضها من بعض على ما لم ينبه عليه أحد قبله ولم يبلغه فيه من بعده، وهو حكيم الإسلام غير مُدافع، لا يعلم أنه اجتمع لأحدٍ من أهل الإسلام من حُسن الفهم، وصحة الفِطنة، وذكاء القلب، وحدة القريحة، ونفاذ البصيرة، ونزاهة النفس ما اجتمع له.

وكان صاحب سليمان بن حبيب المهلبي لما تقلد الأهواز فلم يحمد أمره فرجع إلى البصرة وقال (٢): [البسيط]

أَبلِغ سُلَيمانَ أَنِّي عَنهُ في سَعَةٍ ... وَفي غِنى غَيرَ أَنِّي لَستُ ذا مالِ

ومِمَّا أبدع فيه قوله (٣): [المتقارب]

كَفَّاكَ لَم يخلقا لِلنَدى ... وَلَم يَكُ بُخلُهُما بِدعَه

فَكَفٌّ عَنِ الخَيرِ مَقبوضَةٌ ... كَما نُقِصَت مِائَةٌ تسعه


(١) انظر: بهجة المجالس ١/ ٨.
(٢) انظر: أخلاق الوزيرين ١/ ٤٤، الأمالي في لغة العرب ٢/ ٢٧٣، الحور العين ١/ ٣٠، زهر الآداب ٢/ ٢٦٨، معجم الأدباء ١/ ٤٦١، رسائل الثعلبي ١/ ٢٧، نور القبس ١/ ٢٤.
(٣) انظر: أدب الكاتب ١/ ٦٥، ربيع الأبرار ١/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>