للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومات بخراسان، وكان شاعرًا، جزل الشعر، فصيح الألفاظ على لكنة لسانه.

وجريه على لفظ أهل بلده دعا يومًا غلامًا له ليرسله في حاجة فأبطأ، فلما جاءه قال له: منذ لدن داونك إلى أن قلت: لبي ما كنت لتسنا. يريد: منذ لدن دعوتك إلى أن قلت: لبيك ما كنت تصنع؟ فهذه ألفاظه كما ترى في نهاية القبح واللكنة.

وهو الذي يقول يرثي المغيرة بن المهلب، وكان مختصا بأبيه (١): [الكامل]

قل للقوافل والغزى إذا غزوا ... والباكرين وللمجد الرائح

إن السماحة والشجاعة ضُمنا ... قبرا بمرو على الطريق الواضح

فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كوم المجان وكل طرف سائح

وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخادم وذبائح

يا من لبعد الشمس من حي ... إلى ما بين مطلع قرنها المتنازح

مات المغيرة بعد طول تعرض ... للموت بين أسنة وصفائح

وهذا من بليغ الكلام، ومختار القصائد، وهي معدودة من مراثي الشعراء في عصر زياد، ومقدميها.

قال مدرك بن محمد: كنت حاضرًا مجلس ثعلب، وقد قرئ عليه شعر زياد، فلما بلغ إلى هذه القصيدة، قال ثعلب: إنها لمن مختار الشعر، وكان رجلا طويلا، مضطرب الخلق.

وحضرت امرأة من بني تميم الوفاة، فقيل لها: أوصي؟ فقالت: ما لي من مالي. فقالوا: الثلث، قالت من يقول: [الوافر]

لعمرك ما رماح بني تميم ... بطائشة الصدور ولا قصار

قالوا: زياد الأعجم، قالت: فثلثي له، وماتت.

وقال المرزباني: زياد بن سلم أحد بني عامر بن الحارث بن عمرو بن وديعة بن لكيد بن أفصى. مولده ومنشؤه بـ: سيف البحر، من أرض فارس.

سمي: الأعجم؛ لبيت قاله، وكان هجّاء، قليل المدح للملوك، وهو فصيح، وشعره حجة، وكان يلبس قباء ديباج تشبها بالعجم.


(١) انظر: الأغاني ١٥/ ٣٧١، ٣٧٣، أمالي اليزيدي ١/ ١، الحماسة البصرية ١/ ٨٥، الحماسة المغربية ١/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>