وقال أبو عمر النمري: أحمد ثقة صالح مأمون، أحد أئمة الحديث، لا يُقبل فيه قول النسائي، كان أبو زرعة يعده في أئمة الحديث، وذكر الصولي في "تاريخ شعراء مصر": أنه لما مات رثاه محمد بن داود الواسطي من أبيات:
أحمد لا تبعدن دار بعدت ... بفقدك الفائدات والطرف
يا فارس العلم بالحديث ويا ... من على فكيه روضة أنف
يا بحر علم غاض التراب به ... يروي لديه الورى إذا اغترفوا
وذكره أبو عبد اللَّه الحاكم في (باب من نُسب إلى نوع جرح).
وقال البستي في كتاب "الثقات": كان أحمد بن صالح في الحديث وحفظه ومعرفة التاريخ وأنساب المحدثين عند أهل مصر كأحمد بن حنبل عند أصحابنا بالعراق، ولكنه كان صلفًا تياهًا، لا يكاد يعرف أقدار من يختلف إليه، فكان يُحسد على ذلك، والذي روى معاوية بن صالح عن يحيى بن معين أن أحمد بن صالح كذاب، فإن ذاك أحمد بن صالح الشمومي؛ شيخ كان بمكة يضع الحديث، سأل معاوية يحيى عنه، فأما هذا فهو يقارب ابن معين في الحفظ والإتقان، وكان أحفظ لحديث أهل مصر والحجاز من يحيى بن معين، وكان بين محمد بن يحيى وبينه معارضة لتصلفه عليه، وكذلك أبو زرعة الرازي دخل عليه مُسَلِّمًا فلم يحدثه، فوقع بينهما ما يقع بين الناس، وأن من صحَّت عدالته وكثرت عنايته بالسنن والأخبار والتفقه فيها، فبالحري أن لا يُجرح لتصلفه أو تيهه، ومَن الذي يعرى عن موضع عيب من الناس، أم من لا يدخل في جملة من لا يلزق به العيب بعد العيب.
وأما ما حكي في قصة حور العين، فإن ذلك كذب وزور وبهتان وإفك عليه، وذلك أنه لم يكن يتعاطى الكلام ولا يخوض فيه، والمحسود أبدًا يقدح فيه، لأن الحاسد لا غرض له إلا تتبع مثالب المحسود، فإن لم يجد ألزق مثلبة به، وكان أبوه من بخارى، واللَّه تعالى أعلم.
وفي قول المزي: كان فيه، يعني:"الكمال" إبراهيم بن الحجاج السامي وَهْم. نظر؛ لأني لم أره فيما رأيته من كتاب "الكمال" منسوبًا، واللَّه تعالى أعلم، فيُنظر.
وفي كتاب "الجرح والتعديل" للباجي عن الإمام أحمد: هو يفهم حديث أهل المدينة.