ما رأى كتابي خليفة البتة، وقد بينا ذلك في غير ما موضع من هذه العجالة، وإنما ينقل كلامه بواسطة ابن عساكر، وإذ لم ينقل ابن عساكر كلامه لم يذكره البتة.
قال ابن حبان في كتاب "الثقات": شريح بن هانئ بن يزيد بن كعب الحارثي، من أهل اليمن، عداده في أهل الكوفة، قتل بسختيان سنة ثمان وسبعين، وكان في جيش أبي بكرة. انتهى.
فهذا كما ترى هو الذي قاله خليفة، وزاد في نسبه شيئًا لم ينبه عليه المزي، وهو عدم وساطة بين يزيد وكعب، وكذا هو في "التاريخ الكبير" للبخاري.
وفي "تاريخ المنتجالي": قال البرقي: كان على شرطة علي بن أبي طالب، ويقال: على الطلائع.
وفي قول المزي: قتل مع ابن أبي بكرة. نظر؛ لما في كتاب "المعجم" للمرزباني: كان من خيار أصحاب علي، وشهد معه مشاهده كلها، وعاش إلى أيام الحجاج، فبعثه في جند أهل الكوفة إلى سجستان، ووجه عبيد اللَّه بن أبي بكرة على جند أهل البصرة، يعني لقتال رتبيل، وعهد الحجاج إليهم إذا اجتمعوا فعلى الناس عبيد اللَّه، فحاصرهم رتبيل، فصالحهم عبيد اللَّه، وأبى شريح، وقام خطيبًا، وحض أهل الكوفة على الجهاد، وكانوا ثمانية عشر ألفًا، فبايعوه على الموت، ثم خرج بهم وهو يقول (١): [الرجز]
أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا
قد عشت بين المشركين أعصرا
ثمت أدركت النبي المنذرا
وبعده صديقه وعمرا
وبا خميراوات والمشقرا
ويوم مهران ويوم تسترا
والجمع في صفينهم والنهرا
هيهات ما أطول هذا عُمرَا
فقاتل، وقاتل أهل الكوفة معه، فلم يفلت منهم إلا مائتا رجل، وأفلت أهل البصرة، فلم يقتل منهم أحد، فوجه الحجاج بعد قتل شريح، عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فخلع. انتهى.