وقال المزي: ذكره ابن حبان في "الثقات". جريا على عادته أن ينقل من غير أصل؛ لإخلاله من كلام ابن حبان بما عرى منه كتابه، وبما أبعد فيه النجعة، وذلك أنه ذكر وفاته من عند الواقدي، ولو تأمل "الثقات" لوجد فيها ما لا يحتاج إلى ذكره من عند غيره، وهو قيل: إنه سمع من أم سلمة وهو صغير، وكان قاضيًا بالمدينة، وإمام أهلها في القراءات، ولا نعلم أحدًا روى عن أبيه نصاح إلا هو، ومات شيبة في ولاية مروان بن محمد.
وقال خليفة بن خياط في "كتاب الطبقات"، وابن قانع: مات سنة ثلاثين ومائة، زاد: وكان من قراء القرآن، نزل المدينة. وينبغي التثبت في قول المزي: وقال الواقدي: مات في زمن مروان، وكان ثقة قليل الحديث. فإني لم أره في كتاب "الطبقات الكبير"، فينظر.
ولما ذكره ابن خلفون في "الثقات" قال: أدرك أيضًا عائشة، وكان إمام أهل المدينة في القراءة في دهره، روى عنه القراءة عرضًا نافع بن أبي نعيم، قال المفضل بن غسان الغلابي: قدم شيبة فصلى على سكينة بنت الحُسين. وقال ابن نمير: مدني ثقة، وقال خليفة: مات سنة ثنتين وثلاثين ومائة. كذا قاله ابن خلفون، والذي رأيت في كتاب "الطبقات" لخليفة ما أنبأتك، والذي أوقعه أن خليفة ترجم سنة اثنتين وثلاثين، وذكر فيها أمورا منها: قتل مروان بن محمد، ثم قال: في خلافة مروان مات شيبة بن نصاح. فظن أن كل مذكور في هذه الترجمة يرجع إلى أصلها، وليس كذلك لأنه هو -أعني: خليفة- قد أضرب عن الأول، واستأنف كلامًا جديدًا، واللَّه تعالى أعلم.
وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم، عن ابن معين: شيبة بن نصاح ثقة. وينبغي أن يتثبت في قول المزي: رواه -يعني: وضوء النبي صلى اللَّه عليه وسلم- أبو قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج، فقال: حدثني شيبة بن نصاح. فإني اعتبرت كتاب "السنن" لأبي قرة، فلم أجده في النسخة التي هي بخط ابن العصار، فينظر ألأبي قرة غير كتاب "السنن"؟ فإني لا أعرف له غيرها. واللَّه تعالى أعلم.
ولما فرق ابن حبان بين الراوي عن محمد بن جعفر، وبين ابن نصاح في كتاب "الثقات"، قال: إن لم يكن ابن نصاح فلا أدري من هو.
فلو أن المزي رأى هذا، واكتفى به، كان خيرا له من أن يذكره، عن أبي قرة.