للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فضُرب عكراش ضربة على أنفه، فعاش بعدها مائة سنة وأثر الضربة به. انتهى. فعلى هذا يكون وفاة هذا بعد الثلاثين ومائة، فذِكره أَوْلَى لمن رآه من ذكر أبي الطفيل لهذا، ولأنه لم يختلف في صحبته، وأبو الطفيل اختلف في صحبته اختلافًا كثيرًا.

وفي "تاريخ البخاري الصغير": من حديث عمرو بن عاصم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة: كنت على فم الغار حين خرج النبي صلى اللَّه عليه وسلم من مكة هو وأبو بكر. قال محمد: الأول -يعني: قوله: أدركت ثماني سنين من حياة النبي صلى اللَّه عليه وسلم- أصح.

وفي "تاريخ نيسابور": سمعت أبا عبد اللَّه، يعني: محمد بن يعقوب الأخزم، وسُئل: لم ترك البخاري حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة؛ قال: لأنه كان يفرط في التشيع. انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لأن البخاري قد خرج حديثه، على ذلك اتفق جماعة المؤرخين. وقال ابن السكن: رُوي عنه رؤيته لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من وجوه ثابتة، ولم يرو عنه من وجه ثابت سماع من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لصغره.

وقال المرزباني: كان من خيار أصحاب علي، وأفاضلهم، ومشهوري فرسانه، شهد معه مشاهده كلها، وكان فقيهًا شاعرًا، وهو القائل يرثي ابنه، يعني: المقتول مع ابن الأشعث، وهي تعد في المراثي السبع المقدمة، وأولها (١): [البسيط]

خلَّى طفيل عليَّ الهمَّ وانشعبَا ... فهدَّ ذلك رُكْني هدةً عجبَا

فاذهب فلا يُبعدنك اللَّه من رجل ... فقد تركت رقيقًا عَظْمه وَصبَا

وقال أبو عمر: كان محبًّا في عليَّ، يعترف بفضل الشيخين، إلا أنه كان يقدّم عليًّا، وكان ثقة مأمونًا، زاد في "الاستغناء": وكان فاضلًا عاقلًا، فصيحًا شاعرًا، حاضر الجواب.

وفي كتاب العسكري: له مع أبي العباس الأعمى خبر، وفيه يقول (٢): [الوافر]

لعمرك إنني وأبا طفيل ... لمختلفان واللَّه الشهيد

الأبيات المتقدمة في ترجمة أبي العباس، وفي كتاب "الصحابة" للبرقي، وجامع الحميدي، توفي سنة ثنتين ومائة. وفي "الكنى" لمسلم: له صحبة.

وقال ابن خراش: هو من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وقال صالح بن


(١) انظر: الأغاني ١٥/ ١٤٨، خزانة الأدب ٤/ ٣٨.
(٢) انظر: الأغاني ١٦/ ٣٢١، معجم الأدباء ١/ ٤٧٥، نكث الهميان ١/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>