عليه وسلم:"طلب الحلال فريضة بعد الفريضة (١) ". ومن روى عن الثوري مثل هذا الحديث بهذا الإسناد، بطل الاحتجاج بخبره، فيما يروي ما لا يشبه حديث الأثبات، والدليل على أن عباد بن كثير الرملي ليس بعباد بن كثير الذي مات بمكة: أن يحيى بن يحيى روى عنه ويحيى لم يلحق الثوري، وعباد بن كثير الذى كان بمكة مات قبل الثوري ولم يشهد الثوري جنازته، ويحيى بن يحيى في ذلك الوقت كان طفلا صغيرًا؛ فهذا يدلك على أنهما اثنان وليسا بواحد، وقد روي هذا عن حوشب.
وممن فرق بينهما أيضًا البخاري، وقال: الرملي فيه نظر.
وأبو حاتم وعرفه بالخواص، وأبو سعيد النقاش، وأبو عبد اللَّه بن البيع، وقال: روى أحاديث موضوعة، زاد الحاكم: وهو صاحب حديث: "طلب الحلال فريضة بعد الفريضة"، والساجي وقال: ضعيف يحدث بمناكير. وابن الجارود والعقيلي لما ذكراه في جملة الضعفاء، وابن شاهين في "الثقات" وذكر عن ابن عمار أنه قال: هو مقدسي صالح.
ولما ذكره ابن خلفون في "الثقات" قال: أرجو أن يكون في الحديث أقوى من عباد البصري. وفي "تاريخ يعقوب": قال ابن المبارك: كان لا بأس به ما لم يحدث، فإذا حدث كذب.
وقال التاريخي: ثنا سليمان بن داود، ثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثني وهب، قال: أصغيت إلى عباد بن كثير عامة ليلة وهو يحدث، فما رأيت أنه حدث بحديث حق.
وزعم بعض المصنِّفين من المتأخرين، قلت: بقي إلى بعد السبعين ومائة، وأما البصري فإنه في حدود الستين ومائة. وهذا شيء لا يُقبل من قائله إلا إذا نقله؛ لأن البخاري قد أسلفنا عنه وفاته في حدود الخمسين، وهذا لم نر أحدًا تعرض لذكر وفاته جملة إلا ما حكيناه عن ابن حبان، ولو كان عند هذا المتأخر نقل، لصاح به ولم يغمغم، ولكنه يأخذه استنباطًا ممن روى عنه، وقد يخطئ ذاك الاستنباط، أو يكون ذاك الرجل الذي اعتمده في التاريخ، دلس عنه ولم يشافهه، وطريق الدين في هذا التصريح بقائل هذا، أو بأي وجه استدرك به، والحمد للَّه وحده.
(١) أخرجه ابن عدي ٦/ ٢٦٣، ترجمة ١٧٤٢ محمد بن مروان الكوفي وقال: قال النسائي: متروك الحديث.