كان إذا حمل شيئًا فسأل فيه قريشا صدقوه، وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه، وإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
وعن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير أنهما قالا: سمي الصديق؛ لأنه لما أسري بالنبي صلى اللَّه عليه وسلم جاء فحدث قومه بما رأى فكذبوه، وأتوا أبا بكر الصديق فقصوا عليه ما أخبرهم، فقال: صدق، فسُمي بذلك الصديق.
وفي كتاب "ليس" للقزويني: الخلفة والخالفة التي تكون بعد الرئيس الأول، قالوا لأبي بكر: يا خليفة رسول اللَّه، قال: إني ليس خليفته، ولكني خالفته؛ كنت بعده، أي: تعينت بعده، واستخلفت فلانًا جعلته خليفتي.
وعند التاريخي، عن ابن عباس: كانت قريش تألف منزل أبي بكر لخصلتين؛ الطعام، والعلم، فلما أسلم أسلم عليه من كان يجالسه.
وعند أبي عمر: كان اسمه عبد الكعبة فسماه النبي صلى اللَّه عليه وسلم عبد اللَّه، وقيل: بل أهله سموه عبد اللَّه.
وفي "الطبقات" لابن سعد: أما ابن إسحاق فقال: أبو قحافة كان اسمه عتيقًا، ولم يذكر ذلك غيره، ولما أُسري بالنبي صلى اللَّه عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: "إِنَّ قَوْمِي لا يُصَدِّقُوني (١) "، فقال له جبريل: يصدقك أبو بكر، وهو الصديق. وكان اسم أمه ليلى.
وعن إبراهيم النخعي: كان أبو بكر رضي اللَّه عنه يسمى الأواه؛ لرأفته ورحمته. وعن الزهري قال: قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لحسان بن ثابت: "قُلْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَأَنَا أَسْمَعُ، فقال:
وَثانِيَ اثنَينِ في الغارِ المُنيفِ وَقَد ... طافَ العَدُوُّ بِهِ إِذ صَعَّدَ الجَبَلا
وَكانَ حِبَّ رَسولِ اللَّهِ قَد عَلِموا ... مِنَ البَرِيَّةِ لَم يَعدِل بِهِ رَجُلا
فَضَحِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَقَالَ: صَدَقْتَ يَا حَسَّان هُوَ كَمَا قُلْتَ".
وآخى النبي صلى اللَّه عليه وسلم بينه وبين عمر، ودفع رايته العظمى يوم تبوك وكانت سوداء لأبي بكر، وأطعمه بخيبر مائة وسق، وبعثه سرية إلى نجد، وكان نحيفًا
(١) أخرجه: الطبراني في الأوسط ٧/ ١٦٦، رقم ٧١٧٣ قال الهيثمي ٩/ ٤١: فيه أبو وهب عن أبي هريرة، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.