غانم سنة تسعين ومائة في شهر ربيع الأول وهو ابن أربع وستين سنة، وكان لعبد اللَّه بن عمر أخ، يقال له: سعيد، قد كتب عنه وروى عن أخيه عبد اللَّه بن عمر بن غانم.
وذكر حمدين بن محمد العطار: أنه سمع سحنون بن سعيد يقول: مات رجل يقال له الزقاق من أصحاب البهلول وكان فاضلا، فحضره ابن غانم والبهلول وعبد اللَّه بن فروخ، فأتى بجنازته وجنازة ابن صخر المعتزلي فصلى على الزقاق، ثم قدم ابن صخر، فقالوا لابن غانم: الجنازة، فقال: كل حي ميت، قدموا دابتي، فركب ولم يصل عليه وفعل مثله الآخران.
وقال أبو بكر عبد اللَّه بن محمد في كتابه "طبقات علماء القيروان": أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن غانم بن شرحبيل بن ثوبان الرعيني قاضي إفريقية وصاحب مالك بن أنس، كان فضله وعلمه وورعه أشهر من أن يذكر، وهو أحد الثقات الأثبات، روى عن: مالك - وعليه معتمده، وروى عن الثوري، وابن أنعم، وخالد بن أبي عمران، وجماعة يطول ذكرهم، ودخل الشام والعراق في طلب العلم ولقي أبا يوسف صاحب أبي حنيفة، وقد أدخله ابن عبدوس في المجموعة، وتوفي سنة تسعين ومائة، وصلى عليه إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية، ودفن بباب نافع، وكان مذكورًا في العرب الذين كانوا بإفريقية أيام بني أمية قبل دخول المسودة بالسخاء والقوة، ذكر: أنه قتل في مجادة الخوارج على حنظلة بن صفوان ثمانين ومائة، روى لنا عنه من طريق داود بن يحيى.
وقال ابن فروخ: دخلت أنا وهو وبهلول على الثوري، فسألناه السماع، فأجاب، وقال: ليقرأ على أعربكم، فإنه ربما قرأ القارئ علي فلحن في قراءته فاخترم نومي وطعامي، فقرأ لنا ابن غانم شهورًا كثيرة فما رأيت الثوري رد عليه في قراءته شيئًا ولا أخذ عليه لحنة واحدة، وكان مالك إذا دخل عليه ابن غانم وقت سماعه أجلسه إلى جنبه، ويقول لأصحابه: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ، فَأَكْرِمُوهُ (١) "، وهذا كريم في بلده.
(١) أخرجه الطبراني في الكبير ١١/ ٣٠٤، رقم ١١٨١١. وأخرجه أيضًا: في الأوسط ٥/ ٣٦٩، رقم ٥٥٨٢. قال الهيثمي ٨/ ١٦: رواه الطبراني في الأوسط، والكبير، وفي إسناد الكبير عيينة بن يقظان، وثقه ابن حبان، وكذلك مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث، وفيهما ضعف، وبقية رجال الكبير ثقات.