ولما ذكره ابن خلفون في كتاب "الثقات" قال: كان فقيهًا، مشهورًا، ثقةً، محمود السيرة، ويقال: إنه رجع عن المسألة التي ذكرت عنه. كأنه يريد قوله:(كل مجتهد مصيب)، وكانت هي الملجئة للطرطوشي، حيث قال: كان ينسب إلى الزندقة.
وفي "تاريخ المنتجيلي": قال صالح صاحب المصلى: يا أهل البصرة؛ قد رأيت الملوك ورأيت من يدخل عليهم، وسمعت كلامهم، لا واللَّه إن رأيت مثل قاضيكم قط -يعني: عبيد اللَّه بن الحسن-، دخل على المهدي، والمهدي واجد عليه، وقد لقي على الباب عنتًا، فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، ثم أطرق فمكث قائمًا بين يديه، ثم قال: هيه يا عبيد اللَّه؛ أنت سميت صوافي أمير المؤمنين مظالم. قال: يا أمير المؤمنين؛ أتاني كتابك أن انظر في مظالم الناس، واسمع من نقبائهم، وانظر في حججهم، ثم كتبت إليك ما استقر عندي مما أرى.
قال: كذبت يا عبيد اللَّه. فسكت عنه، ثم قال: هيه ما تقول فيما سقت دجلة من أرض الخراج؟ فقال: يا أمير المؤمنين، خليج من البحر، شقه هذا عربي وشقه ذاك أعجمي، وإن بساطك هذا لعلي. قلت: الرمث والعكرش، وهو يومئذ دار محمد بن سليمان. قال: كذبت يا عبيد اللَّه. هيه، ما تقول في المرعى في معسكر المسلمين؟ قال: أين ما نزل المسلمون فهو معسكر، فإذا انتقلوا عنه فأهله أحق به. قال: كذبت. قال: يا أمير المؤمنين؛ البيِّنة على من ادَّعى، لا يسأل أهله من أين هو لهم، لا أسأل عن ردائي. قال: كذبت، ويحكم نكذبه مرات، ولا يرجع عن قوله ولا عن رأيه. قال: وكان وجد عليه المهدي في هذا فعزله.
وقال الأصمعي: جئت عبيد اللَّه وهو على قضاء البصرة، وعلى الصلاة، فقال في خطبته (١):
أين الملوك التي عن حظها غفلت ... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
وفي "تاريخ البصرة الكبير" لعمر بن شبة: لما مات سوار كان سعيد بن أسعد يصلي بالناس حتى ولي عبيد اللَّه بن الحسن الصلاة والقضاء، فيقال: إن ابن دعلج كان كتب فيه إلى أبي جعفر المنصور يرشحه ويثني عليه حتى ولي.
حدثنا أبو عاصم النبيل، أنبا عمرو بن الزبير قال: كنَّا مع عبيد اللَّه في دار الديوان
(١) انظر: البيان والتبيين ١/ ٧٨، العقد الفريد ١/ ٣٢٨، بهجة المجالس ١/ ٢٤٧، جمهرة خطب العرب ٢/ ٤٩٤.