أفول إذا الرياح جرين هنا ... وهيجت البروق لي الخريف
فذكر أبياتًا طويلة.
حدثني صدقة بن محمد بن علي بن حرب قال: قلت لجدي: يا أبه، لم لم ترثي عمي الحسن، وقد وجدت فيه مقالا؟ فقال ما رئيت أحدًا إلا ذهب حزني عليه، وأحببت أن يبقى حزني على الحسن، ولكن ما عرفت ما رثيت ابنه أبا نصر؟ فقلت: لا، فأنشدني:
أرى أفرخي يمضون قصدا إلى البلى ... وأصبح مثل النسر في جانب الوكر
أشيع منهم واحدًا بعد واحدٍ ... وأرجع قد أودعته ظلمة القبر
فمن كان محزونًا بفقد منغص ... فقد أوجع الأحشاء فقد أبي نصر
بني كان البدر أشبه وجهه ... يشب شباب الحول في مدة الشهر
ومن جيد شعره القديم ما قرأته على الباهلي عنه:
أقلِّي اللوم أخت بني ثمامة ... وردِّي الوصل لقيت السلامه
كأني لا يلامني نحيل ... ولا أرعى وصال ذوي الملامه
وقائلة برمل زرود لما رأتني ... شاحبًا خلق العمامه
كنصل السيف أخلق وهو ماض ... على أيامه باقي الصرامه
أنجدي في المحلة أم تهام ... وما بعد المحلة من تهامه
فإما تسألي عني فإني ... عماني الأرومة والدعامه
نمى بي مازن وبنو أبيه ... إلى الغر السوابق من خطامه
أبيت فما أقر بنوم فيهم ... ولا أغضي الجفون على ظلامه
بذلت لدي العدواة كأس ... جنف وللضيف التحية والكرامه
سأبذل ما ملكت لجار بيتي ... وأحفظه إلى يوم القيامه
وحدثني العلاء بن أيوب والحسين بن محمد الرامهرمزي عن علي بن حرب، فذكر حديثًا.
قال أبو زكريا: وكان أبوه رجلا نبيلا ذا همة، رحل في طلب العلم أولا لنفسه، وكتب عن مالك بن أنس، وأنظاره من المكيين، وأهل الكوفة والبصرة، ثم رحل بولده بعد، فلقي بهم الناس، وكان المحدثون في الأمصار يكرمونه ويؤثرونه، وكان يبرهم ويفضل عليهم أفضالا كثيرة، وحدث وكتب عنه، ومات سنة ست وعشرين ومائتين،