لا أجلسه بعد هذا، فما سئل عن شيء إلا حدَّث به، ومات يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة. وقال الحسين بن إسماعيل الضبي، ثنا أبو حفص الفلاس بعيسا باذ في شعبان سنة تسع وأربعين ومائتين وكان من نُبلاء المحدثين.
وعن أبي زرعة: لم نر أحفظ من هؤلاء الثلاثة: ابن المديني، وابن الشاذكوني، والفلاس. وقال عبد اللَّه بن علي بن المديني: سالت أبي عن عمرو بن علي؛ فقال: قد كان يطلب.
قلت: روى عن عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن:"الشُّفْعَة لا تُورَثُ". فقال: ليس هذا في كتاب عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن. وقال الشاذكوني: ثنا أبو عباد -يعني: روح بن عبادة- عن هشام، عن الحسن، وذهب إلى أنه ليس من حديث روح.
وقال إبراهيم الأصبهاني: حدَّث عمرو بن علي بحديث عن يحيى القَطَّان، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن سعيد المقبري، فبلغ أبا حفص أن بندارًا قال: ما نعرف هذا من حديث يحيى. قال: فقال أبو حفص: وبلغ بندار إلى أن يعرف ولا يعرف، وينكر ولا ينكر؟ ! قال أبو إسحاق إبراهيم الأصبهاني: وصدق أبو حفص، بندار رجل صاحب كتاب، فأما أن يكون بندار يأخذ على أبي حفص فلا.
وقال عبد المؤمن: سألت أبا علي صالح بن محمد عن خليفة بن خياط قال: ما رأيت أحدًا بالبصرة أكيس منه ومن أبي حفص الفلاس، وجميعًا كانا متهمين، وما رأيت بالبصرة مثل علي بن عرعرة، وأبو حفص كان عندي أرجح منهما. وعن عبد اللَّه بن إسحاق المدائني: سمعت عمرو بن علي يقول: كنت يومًا عند أبي داود؛ فقال: ثنا شُعبة، ثنا عمرو بن مرة، عن طارق بن شهاب، وحدَّثنا شُعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق: فقلت: يا أبا داود؛ ليس لحديث عمرو بن مرة أصل؟ فقال: اسكت. فلما صرت إلى السوق إذا جاريته تقول: قال لك مولاي: مُرْ بي إذا رجعت. فأتيته وعليه الكآبة، فلما رآني قال: لا واللَّه ما لحديث عمرو بن مرة أصل، وما حدثتك بهما إلا وأنا أراهما في الكتاب.
وعن عباس العنبري قال: حدَّث يحيى بن سعيد يومًا بحديث فأخطأ فيه، فلما كان من الغد اجتمع أصحابه حوله وفيهم علي بن المديني وأشباهه؛ فقال لعمرو من بينهم: أخطئ في حديث وأنت حاضر فلا تنكر! وقال عباس بن عبد العظيم: لو روى عمرو عن ابن مهدي ثلاثين ألف حديث لكان مصدقًا.