وقال بعضهم عن ابن المنكدر سمعت جابرًا ولا يصح، فإن أراد أنه لم يسمع غير هذا الحديث فهو عذر للمزي، وإن أراد أنه لم يسمع منه مطلقًا فغير جيد؛ لأنَّ البخاري نفسه خرج حديثه عنه "صحيحه"، واللَّه أعلم. وقال البزار في "مسنده": محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة.
وقال عبد الرحمن: قرئ على العباس بن محمد: سمعت يحيى بن معين يقول: محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة وسمعت أبا زرعة يقول: محمد بن المنكدر لم يلق أبا هريرة. قال المزي: ذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثقات" وقال اللالكائي: شكى المنكدر إلى عائشة الحاجة؛ فقالت: إنَّ لِي شيئًا يأتيني أبعث به إليك فجاءتها عشرة آلاف فبعثت بها إليه فاشترى جارية من العشرة آلاف فولدت له محمدًا وأبا بكر وعمر. وقال ابن عيينة: بلغ نيفًا وسبعين سنة. وذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، وقال الواقدي وكاتبه، وغير واحد: مات سنة ثلاثين ومائة. وقال البخاري عن هارون الفروي: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
كذا ذكره وهو كلام رجل يشعر أنه لم ير كتاب "الطبقات" ولا "كتاب ابن حبان"؛ إذ لو رآهما لوجد ابن سعد قد قال: أمه أم ولد وولد عمر، وعبد الملك، والمنكدر، ويوسف، وإبراهيم، وداود، أنبا أحمد بن أبي إسحاق، ثنا الحجاج بن محمد عن أبي معشر قال: دخل المنكدر على عائشة؛ فقال: إني قد أصابتني حاجة فأعينيني؛ فقالت: ما عندي شيء ولو كان عندي عشرة آلاف لبعثت بها إليك؛ فلما خرج من عنده جاءتها عشرة آلاف من عند خالد بن أسيد؛ فقالت: ما أوشك ما ابتليت ثم أرسلت في أثره فدفعتها إليه؛ فاشترى جارية بألفي درهم فولدت له ثلاثة فكانوا عُبَّاد أهل المدينة: محمدًا، وأبا بكر، وعمر بن المنكدر، وعن سفيان: تعبد محمد وهو غلام، وكانوا أهل بيت عبادة، وكانت أمه تقول له: لا تمزح مع الصبيان فتهون عليهم.
أنبا محمد بن عمر، ثنا ابن أبي الزناد، قال: كان محمد بن المنكدر، وصفوان بن سليم، وأبو حازم، وسليمان بن سُحيم، ويزيد بن خصيفة أهل عبادة وصلاة وكانوا يجتمعون بعد العصر، وبعد العشاء فلا يفترقون، حَتَّى يدعو كلَّ رجلٍ بدعوات وذكر شيئًا كثيرًا. قال محمد بن عمر: سمع محمد جابرًا وأميمة وذكر جماعة، قال: وكان ثِقة وَرِعًا عابدًا قليل الحديث يكثر الإسناد عن جابر، ومات محمد بن المنكدر بالمدينة سنة ثلاثين ومائة أو في إحدى وثلاثين ومائة. وقال ابن حِبَّان: مات في ولاية مروان بن محمد سنة ثلاثين ومائة، وقد نيف على السبعين. انتهى.